قصص امثال

قصة مثل قد قيل ذلك إن حقًا وإن كذبًا

ADVERTISEMENT

إن أول من قال ذلك ، نعمان بن المنذر اللخمي للربيع بن زياد العبسي ، وكان له صديقًا ونديمًا ، وإن عامرًا ملاعب الأسنة وعوف بن الأحوص وسهيل بن مالك ، ولبيد بن ربيعه وشماسًا الفزاري وقلابة الأسدي ، قدموا على النعمان ، وخلفوا لبيدًا يرعى إبلهم ، وكان أحدثهم سنًا ، وجعلوا يغدون إلى النعمان ويروحون ، فأكرمهم وأحسن نزلهم ، غير أن الربيع كان أعظم عنده قدرًا ، فبينما هم ذات يوم عند النعمان إذا ظجر بهم الربيع ، وعابهم وذكرهم بأقبح ما قدر عليه .

فلما سمع القوم ذلك انصرفوا إلى رحالهم ، وكل إنسان منهم مقبل على بثه ، وروح لبيد الشًول فلما رأى أصحابه ، وما بهم من الكآبة سألهم : مالكم ؟ فكتموه ، فقال لهم : والله لا أحفظ لكم متاعًا ولا أسرح لكم إبلاً ، أو تخبروني بالذي كنتم فيه ، وإنما كتموا عنه لأن أم لبيد امرأة من بني عبس ، وكانت يتيمة في حجر الربيع .

فقالوا : خالك قد غلبنا على الملك وصد بوجهه عنا ، فقال لبيد : هل فيكم من يكفيني من الإبل وتدخلوني على النعمان معكم؟ فواللات والعُزى لأدعنه لا ينظر إليه أبدًا ، فخلفوا في إبلهم قلابة الأسدي ، وقالوا للبيد : أو عندك خير ؟ قال : سترون ، قالوا : نبلوك في هذه البقلة ، لبقلة بين أيديهم دقيقة الأغصان قليلة الأوراق ، لاصقة بالأرض تدعى التربة ، صفها لنا واشتمها ، فقال : هذه التربة التي لا تذكى نارًا ، ولا تؤهل دارًا ولا تسر جارًا ، عودها ضيئل وفرعها كليل وخيرها قليل ، شر البقول مرعى ، وأقصرها فرعًا فتعسًا لها وجدعًا!

القوا بي أخا عبس ، أرده عنك بتعس ، وأدعه من أمره في لبس ، قالوا: نصبح فنرى رأينا ، فقال لهم عامر : انظروا هذا الغلام ، فإن رأيتموه نائمًا فليس أمره بشيء ، إنما يتكلم بما جاء على لسانه ، ويهذي بما يهجس في خاطره ، وإن رأيتموه ساهرًا فهو صاحبكم ، فرمقوه فرأوه قد ركب رحلاً حتى أصبح ، فخرج القوم وهو معهم ، حتى دخلوا على النعمان وهو يتغذى ، والربيع يأكل معه ، فقال لبيد: أبيت اللعنّ أتأذن لي في الكلام! فأذن له فأنشأ يقول :

يا رب هيجا هي خير من دعه .. أكل يوم هامتي مقر عة
نحن بنو أم البنين الأربعة .. ونحن خير عامر بن صعصمة
المطعمون الجمنة المدعدعة .. والمضاربون الهام تحت الخيضعة
يا واهب الخير الكثير من سعة .. إليك جاوزنا يلادًا مسبعة
تخبر عن هذا خبيرًا فاسمعه .. مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه
إن أسته من برص ملمعه .. وإنه يدخل فيها إصبعه
يدخلها حتى يواري أشجعه .. كأنه يطلب شيئًا أطمعه

وقيل أن قوله بنو أم الأربعة ، هم خمسة : مالك بن جعفر ملاعب الأسنة وطفيل بن مالك أبو عامر بن الطفيل ، وربيعة بن مالك ، وعبيدة بن مالك ، ومعاوية بن مالك ، وهم أشراف بني عامر ، فجعلهم أربعة لأجل القافية .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby