قصص اجتماعية

قصة إيمانويل كيلي العراقي الذي أبكى العالم

ADVERTISEMENT

لقد خلفت الحرب على العراق أثارًا لن يمحيها الزمن مهما مر ، فرغم انتهاء الأجيال السابقة التي عانت من ويلات الحرب ، إلا أن الأجيال الحالية مازالت تعاني وتثبت للعالم أجمع أنها الشاهد على الجريمة التي ارتكبت في حق العراق ، وإيمانويل كيلي أو أيًا كان اسمه هو أحد هؤلاء ، فهو العراقي الذي أبكى العالم بعد سنوات طوال من وقوع الكارثة .

قد يكون الاسم غريبًا بعض الشيء على عراقي عربي ربما يكون مسلم أو حتى غير ذلك ، ولكن إن علمتم قصته لن تتعجبوا من اسمه الغربي ، فايمانويل طفل عراقي معاق ولد بضمور في يديه وساقه هو وشقيقه التوأم ، بعد حرب الـ91 ، وقيام أمريكا برمي اليورانيوم المنضب على بلاده وذويه ، لهذا نشأ هو وغيره متأثرين بتلك الفعلة الشنيعة .

ونظرًا لما خلفه دمار الحرب وشظف العيش وغيره من الأسباب التي قد تكون تسببت بها تلك الحرب الدامية ، تركته والدته هو وشقيقه أمام إحدى دور رعاية الأطفال وانصرفت ، تاركة قطعتين منها خلفها أملًا في أن يستطيعا الحياة ولا يموتان معها من الجوع .

لحظ إيمانويل وشقيقه الجيد أشفقت عليهما سيدة استرالية وقررت أخذهما معها للعلاج ، ولكن أثناء ذلك رق قلبها لهما وقررت تبنيهما وتربيتهما معًا كشقيقين ، فعاشا طفولة جيدة مليئة باللعب والمرح وتعلما ، وقد ظهرت لدي إيمانويل موهبة منذ الصغر عملت والدته بالتبني على تنميتها ، لقد كان إيمانويل يمتلك صوتًا رائعًا يطرب كل من سمعه .

فظلت وراءه تلك السيدة العظيمة ودعمته حتى ترى موهبته النور ، وبالفعل جاء اليوم عند صار إيمانويل شابًا يافعًا وقدم في مسابقة الشباب الموهوبين X Factor ، وهناك سأله الحكام عن اسمه وعمره فأجاب باسمه الذي منحته إياه والدته بالتبني ، وقال أنه لا يعرف غيره أما عن عمره فهو لا يعرف كم عمره بالتحديد .

كانت الإجابة عجيبة ولكن حينما سرد الشاب قصته اختفت الغرابة ، فكيف يدري طفلين رضيعين تحت القصف عمرهما وهم لا يعلمان حتى من والديهما ، وليس لهما في الدنيا سوى سيدة طيبة القلب مسيحية الدين استرالية الجنسية ، هي من قامت بتربيتهما رغم الإعاقة .

وفي ذلك اليوم غني إيمانويل أغنية ذات لحن آخاذ للمطرب البريطاني الشهير  جون لينون ، وهي أغنية تخيل Imagine التي عبرت عن حاله وحال شقيقه وجسدت كل معنى الألم الذي شعرا به ، كان إيمانويل يغني وكأن العراق كلها تغني ، فحبس الشعب الأسترالي أنفاسه وهو يستمع لهذا البكاء المعزوف وسيمفونية الشوق والجراح .

فبكى جموع الحاضرين مع غناء إيمانويل فبصوته الساحر أراهم مدافع الحرب وطبولها ، وجعلهم يشهدون على واقع مرير يعيشه وطنه الذي لم يترعرع فيه ، ويبقى الفضل في بقاء إيمانويل وشقيقه على قيد الحياة ووصوله للجمهور لتلك السيدة الحنونة بعد الله ، فهي لم تفكر في جنسية الطفل الذي تربيه ولا دينه ولا أصله ، ولكنها فقط فكرت في طفولته وحاجته للأمان والعلاج والطعام .

إن العالم مليء بالكثير من ضحايا الحرب والأبرياء ، هناك من يحالفه الحظ مثل ذلك الفتى العراقي إيمانويل الذي أبكى العالم بصوته ، وهناك من يعيش ويموت ضحية لشبح الحرب القاتل دون أن يعرف به أحد، لذا علينا أن ننقب عن هؤلاء ونحاول قدر استطاعتنا أن نمد لهم يد العون ، فنحن إخوة في العروبة والدين وإخوة في الإنسانية قبل كل شيء .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby