قصص امثال

قصة إن أخاك من آساك

ADVERTISEMENT

يقال : آسيت فلانا بمالي أو غيره : إذا جعلته أسوة لك ، وآسيت لغة فيه ضعيفة بنوها على يواسي ، ومعنى المثّل : هو إن أخاك حقيقة من قدمك وآثرك على نفسه ، ويضرب المثّل في الحث على مراعاة الإخوان .

قصة المثّل :
وأول من قال ذلك خزيم بن نوفل الهمداني ، وذلك أن النعمان بن ثواب العبدي ثم الشني كان له بنون ثلاثة ، سعد ، وسعيد ، وساعدة ، وكان أبوهم ذا شرف وحكمة ، وكان يوصي بنيه ويحملهم على أدبه.

الأبناء الثلاثة :
أما ابنه سعد ، فكان شجاعًا وبطلاً من شياطين العرب ، لا يقام لسبيله ولم تفته طلبته قط ، ولم يفر عن قرن ، وأما سعيد فكان يشبه أباه في شرفه وسؤوده ، وأما سعيد فكان يشبه أباه في شرفه وسؤدده ، وأما ساعدة فكان صاحب شراب وندامي وإخوان .

نصيحة الأب :
فلما رأى الشيخ حال بنيه دعا سعدا ، وكان صاحب حرب ، فقال : يا بني ، إن الصارم ينبو ، والجواد يكبو ، والأثر يعفو ، فإذا شهدت حربًا فرأيت نارها تستعر ، وبطلها يخطر ، وبحرها يزخر ، وضعيفها ينصر ، وجبانها يجسر ، فأقلل المكث والانتظار ، فإن القرار غير عار ، إذا لم تكن طالب ثار ، فإنما ينصرون هم ،وإياك أن تكون صيد رماحها ، ونطيح نطاحها .

وقال لابنه سعيد وكان جوادًا : يا بني لا يبخل الجواد ، فابذل الطارف والتلاد ، وأقلل التلاح ، تذكر عند السماح ، وابل اخوانك ، فإن وفيهم قليل ، واصنع المعروف عند محتمله ، وقال لابنه ساعدة ، وكان صاحب شراب : يا بني إن كثرة الشراب تفسد القلوب ، وتقلل الكسب ، وتجد اللعب ، فأبصر نديمك ، وارحم حريمك ، وأعن غريمك ، واعلم أن الظمأ القامح ، خير من الري الفاضح ، وعليك بالقصد فإن فيه بلاغًا .

وفاة الأب وتصرف الأبناء :
ثم توفي أباهم النعمان بن ثواب ، فقال ابنه سعيد وكان جوادًا سيدًا : لآخذن بوصية أبي ، ولأبلون إخواني وثقاتي في نفسي ، فعمد إلى كبش ، فذبحه ثم وضعه في ناحية خبائه ، وغشاه ثوبا ، ثم دعا بعض ثقاته ، فقال : يا فلان إن أخاك من وفي لك بعهده ، وحاطك برفده ، ونصرك بوده ، قال : صدقت ، فهل حدث أمر ؟ قال : نعم ، إني قتلت فلانًا ، وهو الذي تراه في ناحية الخباء ، ولابد من التعاون عليه يواري ، فما عندك ؟ قال : يا لها سوءة وقعت فيها ، وقال : فإني أريد أن تعينني عليه حتى أغيبه ، قال : لست لك في هذا بصاحب ، فتركه وخرج .

فبعث إلى آخر من ثقاته فأخبره بذلك وسأله معونته ، فرد عليه مثل ذلك ، حتى بعث إلى عدد منهم ، كلهم يرد عليه مثل جواب الأول ، ثم بعث إلى رجل من إخوانه يقال له خزيم بن نوفل ، فلما أتاه قال له : يا خزيم مالي عندك ؟ قال : ما يسرك ، وما ذاك ؟ قال : إني قتلت فلانًا وهو الذي تراه مسجي ، قال : أيسر خطب ، فتريد ماذا ؟ قال : أريد أن تعينني حتى أغيبه ، قال : هان ما فزعت فيه إلى أخيك ، وغلام لسعيد قائم معهما .

فقال له خزيم : هل اطلع على هذا الأمر أحد غير غلامك هذا ؟ قيل : لا ، قال : انظر ما تقول ، قال : ما قلت إلا حقا ، فأهوى خزيم إلى غلامه فضربه بالسيف فقتله ، وقال : ليس عبد بأخ لك ، فأرسلها مثلًا .

إن آخاك من آساك :
وارتاع سعيد وفزع لقتل غلامه ، فقال : ويحك ! ما صنعت ؟ وجعل يلومه ، فقال خزيم : إنّ آخاك من آساك ، فأرسلها مثلا ، قال سعيد : فإني أردت تجربتك ، ثم كشف له عن الكبش ، وخبّره بما لقي من إخوانه وثقاته ، وما ردوا عليه ، فقال خزيم : سبق السيف العذل ، فذهبت مثلاً .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby