قصص منوعة

قصة نوادر من حياة أبي العيناء وغلامه

ADVERTISEMENT

ورد الكثير من القصص والنوادر من حياة أبي العيناء وهو محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان ، وهو ينتمي إلى بني الحنيفة من أهل اليمامة ، وكان رجلًا كفيفًا وقد ذُكر أن جده الأكبر لقي عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ذات مرة فأساء في مخاطبته ، مما جعله يدعو عليه وعلى ولده بالعمى ، وقد وردت نوادر أبي العيناء مع غلامه في كتاب “المنتظم في تاريخ الملوك والأمم” لجمال الدين أبو الفرج الجوزي .

أبو العيناء وغلامه :
لم يكن يدرك أبو العيناء أن المتاعب ستأتيه على يد هذا الغلام الذي اشتراه من سوق النخاسة ، حيث قد تسبب له ذلك الصبي في الخروج من البصرة إلى الأبد كي لا يعلم هذا الغلام المكان الذي يوجد به ، حيث أنه قد روى مأساته بنفسه منذ أن أقدم على شراء ذلك الغلام .

لقد وجد ابو العيناء أن هذا الغلام يباع في سوق النخاسة ذات يوم حينما كان يمر من هناك ، وكان سعر الغلام ثلاثين دينار ، فقام بشرائه وذات مرة كان يبني دارًا فدفع للغلام عشرين دينارًا لينفقها على الصناع ، وبعد أيام قليلة ذهب إليه قائلًا :”قد نفذت النفقة” ، فقال له أبو العيناء :”هات حسابك” ، فأعطاه حساب عشرة دنانير فقط ، فقال أبو العيناء :”أين الباقي؟!”.

أجاب الغلام قائلًا :”قد اشتريت به ثوبًا لنفسي” ، حينها سأله أبو العيناء :”من أمرك بهذا؟” ، فأجاب الغلام :”لا تعجل يا مولاي ؛ فإن أهل المروءة لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلًا يعود بالزين على مواليهم” ، فتحدث أبو العيناء في نفسه قائلًا :” أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم”.

وذات مرة كانت هناك امرأة أراد أبو العيناء أن يتزوجها سرًا من ابنة عمه ، فقال لغلامه :”أفيك خير؟! ” ، فأجابه الغلام :” أي لعمري ” ، فحكى له أبو العيناء الخبر ، فقال الغلام :” أنا نعم العون لك” ، فتزوج أبو العيناء من تلك المرأة التي رغب بها ، ثم أعطي غلامه دينارًا كي يشتري له بعض السمك الهازبي .

عاد الغلام بعد فترة وقد اشترى نوعًا آخر من أنواع السمك ، فاغتاظ أبو العيناء قائلًا :” ألم آمرك أن تشتري من السمك الهازبي؟! ، فأجابه الغلام بقوله :”بلى ؛ ولكن الطبيب أبقراط كتب يقول أن الهازبي يولد السوداء ، وهذا سمك أقل غائلة ” ، حينها ثار أبو العيناء غاضبًا وهو يقول :” يا ابن الفاعلة! ، أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس!.

بعد أن أنهى أبو العيناء جملته إلى غلامه ؛ قام عليه فضربه عشر مقارع ، وحينما انتهى من ضربه اخذ الغلام المقرعة وضربه سبع مقارع قائلًا :”يا مولاي الأدب ثلاث والسبع فضل ، وذلك قصاص! ، فضربتك ذلك السبع خوفًا من القصاص يوم القيامة” ، فاستشاط أبو العيناء غضبًا فأمسك بحجر ورمى به الغلام .

مضى الغلام بعد هذه الواقعة إلى ابنة عم أبي العيناء ، ثم قال لها :”يا مولاتي إن الدين النصيحة ، وقد قال النبي صلّ الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا) ، وأنا أعلمك أن مولاي قد تزوج ؛ فاستكتمني ، فلما قلت له لابد من تعريف مولاتي الخبر ؛ ضربني وشجني” ، فقامت ابنة العم بمنع أبي العيناء من دخول الدار ، ولم يجد حلًا سوى أن يُطلّق المرأة التي تزوجها .

فكر أبو العيناء فيما بعد في عتق هذا الغلام الذي أتعبه كي يستريح منه ، وكان يعلم أنه يرغب في الحج فقام بتجهيزه حتى خرج وغاب عنه لمدة عشرين يومًا ثم عاد إليه مرةً أخرى ، فسأله أبو العيناء عن سبب عودته ، فأجابه الغلام :”فكرت وأنا في الطريق فإذا الله تعالى يقول (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } وكنت غير مستطيع ، وفكرت فإذا حقك أوجب ، فرجعت!.

وحينما علم أبو العيناء أنه أراد الغزو للجهاد ؛ قام بتجهيزه لذلك ، وحينما غاب عليه قام أبو العيناء ببيع كل ما يملك في البصرة ، ثم رحل عنها خشية من عودة هذا الغلام مرةً أخرى .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby