قصص اسلامية

قصة مواقف من حياة القاضي شريح

ADVERTISEMENT

كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في يوم من الأيام يريد شراء الفرس الذي سينتقل به ؛ فاشتراه من رجل من الأعراب وأعطاه الثمن ، ولمَّا امتطاه ومضى به طويلًا رأى أن به عطبًا يعيقه عن مواصلة السير ؛ فرجع به من حيث انطلق وأعطاه للرجل ، وأخبره أنه معطوب .

فما كان من الرجل إلا أن قال : لا آخذه يا أمير المؤمنين وقد سلمته لك غير معطوب ، فطلب منه أمير المؤمنين رضي الله عنه أن يُحَكِّم بينهم رجلًا ؛ فاحتكم الرجل بشريح بن الحارث ، فرضي أمير المؤمنين رضي الله عنه به .

وعندما احتكموا بالرجل سألهم عن حال الفرس وهل كان معطوبًا عند الشراء أم لا ؛ فأجابه أمير المؤمنين أنه كان سليمًا غير معطوب ، فحكم لهم بعدم رده إلى صاحبه ، وقال له احتفظ بما شريت يا أمير المؤمنين أو رده كما أخذته ، فأُعجب به أمير المؤمنين رضي الله عنه وبعدله ، وولاه قضاء الكوفة .

الظلم الذي تعرض إليه في طفولته :
يُحكى أنه في صغره اصطحبه والده في إحدى أسفاره وأثناء الطريق لم يقبل الأطفال المرافقين له أن يلعب معهم ؛ فأعرض عنهم وبقي للعب بمفرده ، وعندما رأه أبوه بعيدًا خاف عليه أن يختطفه قطّاع الطرق فنهره عن الذهاب بعيدًا عن القافلة .

وعندما رأى الأطفال ذلك جلسوا يضحكون منه ثم قاموا بخداعه عن طريق إخباره بالاختباء في المكان الذي نهره أبوه عنه ليأتوا هم إليه للعب ، ثم ذهبوا لأبيه وأخبروه أنه قد عصاه ؛ فذهب إليه أبوه وبدأ بضربه ولم يصدقه عندما أقسم إليه أنه مظلوم ، فأثَّر فيه أن المظلوم يحتاج إلى إنصاف عندما لا يجد دليلًا ولا شاهدًا .

القضاء وشريح بن الحارث :
ولم يكن ذلك القاضي العادل عند توليته مجهولًا عند أهل العلم وأصحاب المقام والرأي في المجتمع المدني من أجلة الصحابة وكبار التابعين ، وكان رجلًا يمني الموطن ، وقضى شطرًا من حياته في الجاهلية ؛ فعندما أشرقت الجزيرة العربية بنور الهداية كان من أوائل المؤمنين بدعوة الرسول صلَّ الله عليه وسلم .

ولم يكن أمير المؤمنين رضي الله عنه متعجلًا في اختباره لذلك المنصب الرفيع مع تألق سماء الإسلام يومئذ بالنجوم من الصحابة ، فقد أثبتت الأيام صدق فراسة عمر وصواب تدبيره ، إذ ظل يقضي بين المسلمين ما يقارب الستين عامًا متتابعة من غير انقطاع ، وقد تعاقب على إقراره في منصبه كل من عمر وعثمان وعلي ومعاوية رضوان الله عليهم أجمعين .

كما أقره على ذلك من جاء بعد معاوية بن أبي سفيان من خلفاء بني أمية حتى طلب إعفاءه من ذلك المنصب ، وقد بلغ السابعة بعد المائة من حياته الحافلة بالمفاخر والمآثر .

من روائع شريح :
ومن المواقف التي تشهد بنزاهته الشديدة أنه في يوم من الأيام جاءه ولده وشرح له خصومة بينه وبين قوم من الأقوام وقال له : إن كان الحق لي قاضيتهم وإن كان لهم صالحتهم ، ولمَّا قصَّ عليه قصته قال له : انطلق فقاضهم .

وعندما مضى إلى خصومه ودعاهم للقضاء واستجابوا له ومثلوا بين يدي القاضي قضى هم على ولده فما كان من الولد بعد ذهبوا لبيتهم إلا أن قال : فضحتني يا أبتي ، والله لو لم أستشرك من قبل ما لمتك أبدًا .

فقال له قاضينا العادل : إنك يابني أحب إلي من ملء الأرض من أمثالهم ، ولكن الله عزَّوجل أعزَّ علي منك ، لقد خشيت أن أخبرك بأن الحق لهم ؛ فتصالحهم صلحًا ينقص عليهم بعض حقهم فقلت لك ما قلت .

وقد كفل يومًا ولدًا من أولاده رجلًا وعندما قبل كفالته ما كان من الرجل إلا أن هرب من يد القضاء ، فتم سجن ابن القاضي مكان الرجل الفار ، فكان ينقل له الطعام بنفسه كل يوم إلى السجن .

وفاته :
وفي عمر السابعة بعد المائة وبعد استقالته من منصبه بشهر واحد مات التابعي الجليل بعد أن أقام في الناس العدل ، وكان مثالًا يُحتذى به في العدل والاستقامة .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby