قصص اسلامية

قصة الفاروق مع الكاره لامرأته

ADVERTISEMENT

عاتب الحق سبحانه وتعالى إبراهيم في ضيف جاء له فلم يكرمه ، لأنه سأله وعرف منه : أنه غير مؤمن لذلك لم يضيفه ، فقال له ربنا : أمن أجل ليلة تستقبله فيها تريد أن تغير دينه ، بينما أنا أرزقه أربعين سنة .. وهو كافر ؟ فماذا فعل سيدنا إبراهيم ؟ جرى فلحق الرجل ، وناداه فقال له الرجل : ما الذي جعلك تتغير هذا التغير المفاجئ ، فقال له إبراهيم : والله إن ربي عاتبني لأني صنعت معك هذا ، فقال الرجل : أربك عاتبك وأنت رسول فيّ وأنا كافر به ! فنعم الرب رب يعاتب أحبابه في أعدائه ، فأسلم .

عاشروهن بالمعروف :
هذا هو المعروف ، الحق يأمرنا أننا يجب أن ننتبه إلى هذه المسائل في أثناء الحياة الزوجية ، وهذه قضية يجب أن ينتبه لها المسلمون جميعًا كي لا يخربوا البيوت ، إنهم يريدون أن يبنوا البيوت من المودة والحب ، فلو لم يكن المودة والحب في البيت لخرب البيت ، وهنا نقول لهم : لا عاشروهن بالمعروف ، حتى لو لم تحبوهن ، وقد يكون السبب الوحيد أنك تكره المرأة لأن شكلها لا يثير غرائزك ، فنقول يا هذا أنت لم تفهم عن الله .

ليس من المفروض في المرأة أن تثير غريزتك ، ولكن المفروض في المرأة أن تكون مصرفًا ، إن هاجمت غريزتك كيماويًا بطبيعتها وجدت لها مصرفًا ، فأنت لا تحتاج لواحدة تغريك لتحرك فيك الغريزة ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأى أحدكم امرأة حسناء فأعجبته ، فليأت أهله فإن البضع واحد ومعها مثل الذي معها ) ، أي أن قطعة اللحم واحدة إن هاجت غريزتك بطبيعتها ، فأي مصرف يكفيك .

الفاروق والرجل الكاره امرأته :
ولذلك عندما جاء رجل لسيدنا عمر رضيّ الله عنه ، وقال : يا أمير المؤمنين أنا كاره لامرأتي وأريد أن أطلقها ، قال له : أولم تبن البيوت إلا على الحب ، فأين القيم ؟ لقد ظن الرجل أن امرأته ستظل طول عمرها خاطفة لقلبه ، ويدخل كل يوم ليقبلها ، فيلفته سيدنا عمر إلى أن هذه مسألة وجدت أولًا ، وبعد ذلك تنبت في الأسرة أشياء تربط الرجل بالمرأة وتربط المرأة بالرجل .

العشرة بالمعروف في آيات الله :
لذلك يقول الحق سبحانه وتعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) صدق الله العظيم.. أنت كرهتها في زاوية ، وقد تكون الزاوية التي كرهتها فيها هي التي ستجعلها تحسن في عدة زوايا ، لكي تعوض بإحسانها في الزوايا الأخرى هذه الزاوية الناقصة .

فلا تبن المسألة على أنك تريد امرأة عارضة أزياء لتثير غرائزك عندما تكون هادئًا ، لا فالمرأة مصرف طبيعي إن هاجت غرائزك بطبيعتها وجدت لها مصرفًا ، أما أن ترى في المرأة أنها ملهبة للغرائز ، فمعنى ذلك أنك تريد من المرأة أن تكون غانية فقط ، وأن تعيش معك من أجل العلاقة الجنسية فقط ، لكن هناك مسائل أخرى كثيرة ، فلا تأخذ من المرأة زاوية واحدة هي زاوية الانفعال الجنسي ، وخذ زوايا متعددة .

تقدير المرأة :
واعلم أن الله وزع أسباب فضله على خلقه ، هذه أعطاها جمالاً ، وهذه أعطاها عقلاً ، وهذه أعطاها حكمة ، وهذه أعطاها أمانة ، وهذه أعطاها وفاء ، وهذه أعطاها فلاحًا ، هناك أسباب كثيرة جدًا ، فإن كنت تريد أن تكون منصفًا حكيمًا ، فخذ بكل الزوايا ، أما أن تنظر للمرأة من زاوية واحدة فقط ، هي زاوية إهاجة الغريزة ، هنا نقول لك : ليست هذه الزاوية التي تصلح لتقدير المرأة فقط .

فقوله تعالى : (فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ). صدق الله العظيم .. فانظر إلى الدقة في العبارة (فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا ) فأنت تكره ، وقد تكون محقًا في الكراهية أو غير محق ، إنما إن كرهت شيئًا يقول لك الله عنه ( وَيَجْعَلَ اللَّهُ  فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) فاطمئن إن كرهت المرأة في شيئًا لا يتعلق بدينها ، فاعلم إنك إن صبرت عليه يجعل الله لك بقية الزوايا خيرًا كثيرًا  .

وعد الله بالخير :
ومادام ربنا هو من يجعل هذا الخير الكثير فأطمئن إلى أنك لو تنبهت لزاوية تكرهها ومع ذلك تصبر عليها ، فأنت تضمن أن ربنا سيجعل لك خيرًا في نواح متعددة ، إن أي زاوية تغلبت على كرهك سيجعل الله فيها خيرًا كثيرًا.

الحكمة والدقة في الحب والكره :
إن الحق يطلق القضية هنا في بناء الأسرة التي يعمم ، وكان بإمكانه أن يقول : فعسي أن تكرهوهن ويجعل الله فيهن خيرًا ، لا فقد شاء أن يجعلها سبحانه قضية عامة في كل شيء قد تكرهه ، وتأتي الأحداث لتبين صدق الله في ذلك ، فكم من أشياء كرهها الإنسان ، ثم تبين له وجه الخير فيها ، وكم من أشياء أحبها الإنسان ثم تبين له وجه الشر فيها ، ليدلك على أن حكم الإنسان على الأشياء دائمًا غير دقيق ، فقد يحكم بكره شيء وهو لا يستحق الكره ، وقد يحكم بحب شيء وهو لا يستحق الحب .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby