قصص اسلامية

قصة إسلام جرجة على يد خالد بن الوليد

ADVERTISEMENT

لقد أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم دعوة وهداية للخلق أجمعين ، فكان ممن أمنوا بالله واتبعوا الرسول صلّ الله عليه وسلم بعد حرب وكبر هو خالد بن الوليد سيف الله المسلول ، والذي سله الله على عباده المشركين ، فما نزل بهم إلى ساحات الحروب ، إلا وكبدهم أكبر الخسائر ، وفي معركة من معارك المسلمين ، وهي معركة اليرموك التي كانت بين الروم والمسلمين حدث حوار غريب ، كان سبب في إسلام واحد من قادة الروم .

وقد سميت هذه المعركة باسم اليرموك نسبة إلى الوادي التي وقعت فيه ، واليرموك نهر ينبع من جبال حوران ، ويجري قرب الحدود التي تفصل بين سوريا وفلسطين ، وينتهي مصبه في جنوب الحولة ، وقبل أن يلتقي بنهر الأردن بمسافة تتراوح بين ثلاثين وأربعين كيلو متراً يوجد وادٍ فسيح تحيطه مجموعة من الجبال شاهقة الارتفاع  من ثلاث جهات .

ويقع في الجهة اليسرى لنهر اليرموك ، وهو نفسه الوادي الذي دارت به المعركة ، والتي وقعت في عهد أبو بكر الصديق ، لكنه مات أثناءها ، وتولى الخلافة من بعده عمر بن الخطاب ، وأدار القتال من دار خلافته .

أما عن قصة إسلام القائد البيزنطي جورج تيودور والملقب بجرجه ، فقد كان هذا الرجل يتحدث العربية بطلاقة ، فخرج إلى المنطقة الفاصلة بين صفوف الروم والمسلمين ، وطلب منازلة خالد بن الوليد ، فتقدم خالد ، ولكن قبل المنازلة دار بينهما هذا الحوار الذي رواه الطبرى :

روى ابن جرير الطبري رحمه الله : وخرج جرجة حتى كان بين الصفين ، ونادى ليخرج إلي خالد فخرج إليه خالد وأقام أبا عبيدة مكانه ، فوافقه بين الصفين ، حتى اختلفت أعناق دابتيهما وقد أمن أحدهما صاحبه ، فقال جرجة : يا خالد أصدقني ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب ، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع المسترسل بالله ، هل أنزل الله على نبيكم سيفاً من السماء فأعطاه لك فلا تسله على قوم إلا هزمتهم؟

قال خالد رضي الله عنه : لا ، قال جرجة : فبِمَ سُمِّيت سيف الله ؟ ، قال خالد رضي الله عنه : إن الله عزوجل بعث فينا نبيه فدعانا فنفرنا عنه ونأينا عنه جميعاً ، ثم إن بعضنا صدقه وتابعه وبعضنا باعده وكذبه ، فكنت فيمن كذبه وباعده وقاتله ، ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به فتابعناه ، فقال صلّ الله عليه وسلم : « أنت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين »، ودعا لي بالنصر فسميت سيف الله ، بذلك فأنا من أشد المسلمين على المشركين.

قال جرجة : صدقتني ، ثم أعاد عليه جرجة : يا خالد أخبرني إلامَ تدعوني ؟ ، قال خالد رضي الله عنه : إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، فقال جرجة : فمن لم يجبكم ؟ ، فقال خالد رضي الله عنه : فالجزية ونمنعهم.

فقال جرجة : فإن لم يعطها ؟ ، قال خالد رضي الله عنه : نؤذنه بحرب ثم نقاتل ، فقال جرجة : فما منزلة الذي يدخل فيكم ويجيبكم إلى هذا الأمر اليوم؟ ، قال خالد رضي الله عنه : منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا.

ثم أعاد عليه جرجة : هل لمن دخل فيكم اليوم يا خالد مثل مالكم من الأجر والذخر ؟ ، قال خالد : نعم وأفضل ، قال جرجة : وكيف يساويكم وقد سبقتموه ؟ ، قال خالد رضي الله عنه : إنا دخلنا في هذا الأمر ، وبايعنا نبينا وهو حي بين أظهرنا ، تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتب ، ويرينا الآيات ، وحق لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع ، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا ، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج ، فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا.

قال جرجة : بالله لقد صدقتني ولم تخادعني ولم تؤلفني ؟ ، قال خالد رضي الله عنه : بالله لقد صدقتك ، وما بي إليك ولا إلى أحد منكم وحشة وإن الله لولي ما سألت عنه ، فقال جرجة : صدقتني ، وقلب الترس ومال مع خالد ، وقال علمني الإسلام .

فمالَ به خالد إلى فسطاطه فشن عليه قربة من ماء ثم صلى ركعتين ، وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد وهم يرون أنها منه حملة فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إلا المحامية عليهم ، عكرمة ، والحارث بن هشام ، وركب خالد ومعه جرجة والروم خلال المسلمين فتنادى الناس فثابوا.

وتراجعت الروم إلى مواقفهم فزحف بهم خالد حتى تصافحوا بالسيوف ، فضرب فيهم خالد ، وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب ، ثم أصيب جرجة ولم يصل صلاة سجد فيها إلا الركعتين اللتين أسلم عليهما ، (تاريخ الأمم والرسل والملوك ، ابن جرير الطبري، ج3، (ص:398–400)

وهنا أدرك القائد البيزنطي سماحة الإسلام ، وفتح الله قلبه للدخول فيه ، وقد كان لردود بن الوليد أكبر الأثر في اقناع القائد البيزنطي ، والذي عاد مع جيش المسلمين لمحاربة الروم بعد أن كان واحدًا من كتائبهم.

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby