قصص حروب

قصة معركة الإيمان المقدس | قصص

ADVERTISEMENT

كانت معركة الإيمان المقدس هي آخر معارك الدولة الإسلامية على أرض الاندلس ، حيث أن مملكة غرناطة كانت هي ما تبقى من ملك المسلمين والعرب داخل الأندلس ، وذلك بعد وقوع أكبر المدن في أيدي الصلبيين ، حيث نجح الصليبيون في فتح عدة مدن خلال الفترة ما بين 636هـ حتى 668هـ ، وهو ما أدى إلى تمزق الدولة الإسلامية وانحصار حكمهم في غرناطة التي استطاعت أن تقاوم الصليبيين لمدة طالت إلى قرنين ونصف من الزمان نتيجة لحصانة موقعها وخضوعها لحكم سلاطين أقوياء .

سوء الأحوال في غرناطة :
يدور الزمان وتتبدل الأحوال ويذهب الأقوياء ليحل محلهم الضعفاء الذي لا يطلبون سوى شهوات الدنيا ، وهو ما أدى إلى تمزق الوحدة مع سلاطين المغرب الذين دعموا الحكم الإسلامي في غرناطة ، وعمل الصليبيون على توحيد صفوفهم من أجل التخلص من الحكم الإسلامي في آخر معاقلهم بالأندلس ، حيث اتحدت مملكتي أراجون Aragon وقشتالة Castile ضد غرناطة ، كما توافد المتطوعون من الصليبيين للمساعدة في الإستيلاء على غرناطة .

وقعت فتنة الأندلس في تلك الفترة بين سلطان غرناطة أبي الحسن وابنه الأكبر أبي عبدالله ، والذي وقع هذا الأخير أسيرًا في يد الصليبيين في واحدة من المعارك المتواصلة على غرناطة ، فكان هذا الحدث بمثابة النكبة الكبرى على غرناطة ، حيث أن الصليبيين تمكنوا من هزيمة أبي عبدالله نفسيًا واستزلاله وغسل مخه بالترغيب وبالتهديد ، حتى أصبح آداة سهلة التحرك لدى الصليبيين ، ليصبح الابن حربًا على أبيه ووبالًا على المسلمين ، حتى مات الأب همًا وحزنًا على هذا الابن .

بعد وفاة سلطان غرناطة آل الحكم في غرناطة إلى عم أبي عبدالله وهو عبدالله الزغل ، غير أن أبا عبدالله قام بمحاربة عمه لمنازعته على الحكم ، وهو ما أدى إلى تسهيل مؤامرة الصليبيين حيث أنهم قاموا بتضييق الخناق على غرناطة وسعوا إلى احتلال ضواحيها ، غير أن المسلمين تمكنوا من هزيمتهم في معركة “لوشة الكبرى” خلال سنة 887هـ ، حتى استطاع الصليبيون من استعادة محاولاتهم مرةً أخرى ليحتلوا لوشة سنة 891هـ .

الحرب ضد أبي عبدالله :
سقطت عدة جوانب من غرناطة في يد الصليبيين ، ومن أغرب الأحداث أن يقوم أبو عبدالله بإرسال تهنئة إلى ملوك الصليبيين لفتحهم بعض الأماكن ، وقد مات السلطان عبدالله الزغل طريدًا بعد محاربة ابن أخيه له ، وأصبح أبو عبدالله هو السلطان على ما تبقى من غرناطة ، وقام ملوك الصليبيين بإعلان حربهم على أبي عبدالله ، ليستفيق بعد فوات الأوان على الكارثة الكبرى .

قام أبو عبدالله بعد غفوته بمحاولة التصدي للصليبيين ، فكان يقود القتال بنفسه ويحارب بيده ، وقد تمكن المحاربون بقيادة موسى بن أبي الغسان من صد هجمات الصليبيين ، كما نجحوا في استرداد بعض الحصون ، غير أن هذا الحدث كان آخر شعلة في السراج ، حيث أن الصليبيين اتجهوا بحملة قوامها خمسين ألفًا من حملة الصليب سنة 896هـ الذين نزلوا قبالة قصر الحمراء .

وقام الصليبيون خلال فترة وجيزة ببناء مدينة تحمل اسم يعني “الإيمان المقدس” ، كما قاموا بفرض حصار شديد على أهالي غرناطة الذين صمدوا وقاتلوا بشجاعة ، حتى قُتل عدد كبير من الصليبيين ، وهو ما دفعهم إلى طلب النجدة من ملك الروم البرتغالي ، والذي قام بمحاصرة غرناطة من جهة الجنوب من أجل أن يقطع أي إمدادات قادمة إلى أهالي غرناطة .

صمد المسلمون المحاصرون في غرناطة لمدة سبعة أشهر ، حتى نفدت المؤن واستبد بهم الجوع ، فقرر أبو عبدالله أن يتفاوض مع الصليبيين ، غير أن القائد موسى لم يقبل بالتسليم للأعداء ، فامتطى جواده وحمل سلاحه وغاص ضربًا في الأعداء حتى وقع شهيدًا ، واضطر المسلمون بعدها أن يستسلموا إلى الصليبيين ، الذين قاموا بعقد صلح معهم مكون من سبعة وستين شرطًا ، لتنتهي بذلك قصة آخر معركة للمسلمين في الفردوس المفقود .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby