قصص تاريخية

قصة سقوط دولة الآشوريين | قصص

ADVERTISEMENT

منذ زمن بعيد وقبل بعثة المسيح عليه السلام بحوالي أربعة ألاف سنة قامت على ضفاف نهري دجلة والفرات حضارات عظيمة.

وقد انقسم سكان بلاد ما بين النهرين إلى قسمين وهما الكلدانيين وقد اتخذوا من بابل عاصمة لهم، وفي الشمال سكن الآشوريين والذين اتخذوا من نينوي عاصمة لهم.

ويمكن تقسيم تلك الفترة لعدة مراحل توسعت خلالها الإمبراطوريات وازدهرت، ثم شهدت بعدها مراحل اضمحلال وتدهور ثم سقوط، وقد بدأ عصر الإمبراطورية الآشورية الأولى منذ عهد غير معلوم بدقة، واستمرت حتى عام 1000 قبل الميلاد تقريبًا، أما الإمبراطورية الثانية فقد بدأت من سنة 1000 وحتى عام 612 ق.م.

وخلال تلك الفترات سيطر الآشورين على معظم الأراضي الزراعية الغنية في نينوي عاصمة الكلدانيين وآرابيلا، وفتح الآشوريين مدن كثيرة خلال فترات حكم متعاقبة وأطلق بعض المؤرخين على تلك الفترة بالفترة الآشورية الوسطى، وقام الآشوريين بغزو ما تبقى من دولة ميتاني المجاورة لهم والتي كانت تقع بين آشور والحيثيين وذلك في الفترة من عامي 1307 وحتى 1275 قبل الميلاد تقريبًا.

وخلال تلك الفترة وصلت آشور لأقصى توسع لها، وقد تم ذلك تحت حكم ملك يسمى توكولتي نينورتا الأول، وخلال حكمه استطاع أن يهزم ملك بابل والتي كانت تقع في جنوب آشور، وقد نصب حكام تابعين له عليها لمدة ثلاثين عامًا تقريبًا.

كما قام هذا الملك أيضًا بإنشاء مدينة جديدة على الجانب الآخر من نهر دجلة تسمى كار توكولتي نينورتا لتكون مقر حكمه، لكن في النهاية أدى الصراع على الحكم لقتل الملك، وتبعه سلسلة من فترات الحكم القصيرة، وفقدت المملكة الآشورية حكم بابل، ومع ذلك فإنها لم تتفكك.

بعد ذلك وصل للحكم واحد من أعظم الملوك الآشوريين وهو الملك تيغلاث بلصر الأول وقد حكم في الفترة من 1114 وحتى 1076 قبل الميلاد تقريبًا وخلال حكمه أرسل حملات شمالًا وصلت حتى بحيرة فان، وحتى أن الملك نفسه سافر إلى البحر الأبيض المتوسط وتلقى الهدايا الملوك، وقد استهدفت معظم حملاته العسكرية الجماعات الرعوية الآرامية التي عاشت في سوريا والتي كان بعضها يعمل ضد الدولة الآشورية.

ومع ذلك ومع نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد استطع الآراميين أن يوسعوا أراضيهم على حساب الإمبراطورية الآشورية واستطاعوا الاستيلاء على أجزاء كبيرة من أراضيها في أعالي بلاد ما وراء النهرين.

في الفترة من القرن السابع قبل الميلاد ازدهرت آشور مرة أخرى لتبدأ قصة الإمبراطورية الآشورية الجديدة، حيث حكمها سلسلة من الحكام الأقوياء الذين وسعوا حدود الدولة حتى وصلت إلى ما وراء السهول الشمالية.

في بداية القرن التاسع قبل الميلاد ، سيطرت الجيوش الآشورية على طرق التجارة الرئيسية وسيطرت على الدول المجاورة في بابل وغرب إيران والأناضول والشام. استمرت أهمية مدينة آشور كعاصمة قديمة ودينية ، لكن الملوك الآشوريين أسسوا أيضًا مدنًا أخرى ووسعوا الإمبراطورية.

ومن أمثلة تلك المدن مدينة نمرود (كالهو القديمة ) والتي أسسها الملك أشورناصربال الثاني وجعلها عاصمة له، وبنى فيها مباني رائعة منها قصر الشمال الغربي، وقد استعادت آشور أيضًا كثير من الأراضي التي فقدتها إبان نهاية الفترة الوسطى.

وقد حكم آشور أيضًا في تلك الفترة الملك شلمنصر الثالث الذي حكم آشور خلفًا لوالده آشورناصربال ،وقد حاول تعزيز النجاحات العسكرية السابقة لوالده في كل من الغرب في سوريا والشام وشمال الأناضول.

وقد حكم بعده سلسلة من الملوك إلى أن جاء الملك سرجون الثاني إلى الحكم عبر انقلاب عسكري عنيف، وقد واجه مقاومة داخل آشور، ولذلك قضى معظم فترة حكمه التي استمرت لحوالي 15 عام في معارك، ومع ذلك فقد أسس مدينة خورساباد وبنى لنفسه فيها قصرًا عظيمًا.

وقد خلف سرجون الثاني على العرش ابنه سنحاريب وقد اختار مدينة نينوي القديمة عاصمة له، وأنشأ فيها قصرًا ومكتبة واسعة، ومع ذلك فخلال حكمه تم الاستيلاء على مدينة لخيش في يهوذا (القدس الحالية)، والتي كانت تابعة للآشوريين ونهبت المدينة، وفي النهاية تم اغتيال سنحاريب على يد اثنين من أبنائه، وتولى ابن ثالث له العرش من بعده.

وهذا الابن هو الملك أسرحدون، واستطاع الملك أن يرسل حملات على مصر واستطاع الاستيلاء على مدينة ممفيس والتي كانت أحد أشهر مقاطعات مصر السفلى، لكنه توفى أثناء ذهابه على رأس الحملة الثانية لمصر في عام 669 قبل الميلاد تقريبًا.

وقد خلفه ابنه الملك آشور بانيبال وخلال فترة حكمه هاجم كل من مصر وإيران وبابل، وبالرغم من أن آشور كانت في أوج قوتها في عهده إلا أن الصعوبات المستمرة التي واجها الآشوريين عند محاولاتهم السيطرة على بابل ساهمت في إضعافها.

كما تعرضت الإمبراطورية الآشورية للشلل الشديد بعد وفاة آشور بانيبال عام 627 قبل الميلاد، حيث انحدرت الإمبراطورية إلى سلسلة طويلة ووحشية من الحروب الأهلية التي شارك فيها ثلاثة ملوك متنافسين على الحكم وهم آشور إتيل إيلاني ، وسين شومو ليشر ، وسين شار.

وقد قامت الأسرة السادسة والعشرون في مصر والتي نصبها الآشوريون على أنهم تابعون للإمبراطورية الأشورية، بفصل نفسها بهدوء عن آشور، وذلك على الرغم من أنها كانت حريصة على الاحتفاظ بعلاقات ودية معهم.

كما استطاع الملك البابلي نبوبولاسر والذي كان يحكم بابل كتابع للآشوريين أن يستقل بأجزاء كثيرة من بابل باستثناء بعض المدن القليلة التي كانت لا تزال موالية للآشور، وقد حاول أيضًا غزو بلاد آشور نفسها لكنه فشل، وردت عليه آشور بغارات مضادة وقتال.

وقد استغل السكيثيون والسيميريون الذين كانوا يعيشون على سفوح جبال القوقاز حالة الحرب وانشغال آشور بقتال بابل، وقاموا بشن غارات على المستعمرات الآشورية في تلك المناطق وأرسلوا جحافل من اللصوص لنهب المدن الموجودة في آسيا الصغرى والقوقاز والتي كانت خاضعة للإمبراطورية الآشورية.

وقد أرسل حكام تلك المدن لملك آشور حتى ينقذهم من تلك الهجمات لكن دون جدوى، وأغار السكيثيون أيضًا على بلاد الشام ويهوذا وأغاروا على سواحل مصر أيضًا.

واستفاد أيضًا الميديين الذين كانوا خاضعين للإمبراطورية الآشورية،  من الحروب الآشورية البابلية حيث أستطاعوا السيطرة على مجموعة واسعة من الأراضي التي كان يسكنها الشعوب قبل الإيرانية التي كانت خاضعة لآشور، وأصبح الميديين قوة مهيمنة في المنطقة.

كما تحالفت بعض القبائل الأخرى مع السكيثيين والسيميريين وشنوا هجومًا على مدينة النمرود ونهبوها وكان ذلك في عام 614 قبل الميلاد، ثم أغاروا عليها مرة أخرى عام 612م وفي تلك المرة سقطت آشور ونينوي وانتهت الدولة الآشورية.

وقعت آشور بعد ذلك تحت حكم الميدين، لكنه استمر لفترة قصيرة، ثم أصبحت بعد ذلك تابعة لعدة إمبراطورية منها الفارسية التي حكمتها في مراحل تاريخية مختلفة.

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby