قصص اسلامية

قصة توبة مالك بن دينار

ADVERTISEMENT

من أروع قصص التوبة التي يمكن أن تسمعها قصة مالك بن دينار ، وهو رجل من التابعين كان يحيا حياة السكر والعربدة ، حتى مر بمحنة كبيرة وتحولت حياته من نقيض إلى نقيض بفضل طفلة وهبها الله له فغيرت له الكون وأذاقته طعم النعيم ، وأصبح بفضل عطية الله رجلًا من أهل الجنة كما جاء في حلمه ، وللقصة بداية سأقصها عليكم .

قصة مالك بن دينار :
بعد توبة مالك بن دينار ، أخذ يحكي قصته ، ويرددها على مسامع الحاضرين ، لعله يوجد من بينهم من يجد فيها العبرة ، وتكون سبب لهدايته ، ويقول فيها : لقد اشتريت جارية بجمال فتان ، وأنجبت منها طفلة كانت هي النعيم .

وكنت حينها أعاقر الخمر ، ولا أتركه من يدي ، وعندما شبت ابنتي قليلًا بدأت تلاعبني ، وكلما أمسكت كأس الخمر أسقطته من يدي كأنها تقول لي : أبي لا تشرب ،وظلت على هذا الحال معي حتى جعلتني أترك الخمر من أجلها ، وصارت هي لهوي وفرحي ، فكان ضحكها بالنسبة لي هو السعادة بعين ذاتها ، حتى قدر الله أن تفارقني ، وترحل إلى بارئها.

فغضبت بعدها غضبًا شديدًا ، وحزنت أحر الحزن على فقدها ، وعدت إلى الخمر ، وكل أشكال الفتن ، وما وجدت فاحشة إلا وفعلتها حتى جاءت ليلة النصف من شعبان حدث ما لم أكن أتخليه ، ومن يومها تركت الخمر ، وابتعدت عن معصية الله .

رؤية مالك بن دينار:
يروي بن دينار أنه في ليلة النصف من شعبان عاد ثملًا كعادته ، فنام على غير صلاة ، ورأى في منامه ، أن يوم القيامة قد حان ، ونفخ الملك في السور ، وبعث الناس من القبور ، وحشر الناس جميعا وأنا معهم .

والتفت ورائه ليتبين ما يحدث ؛ فإذا بتنين عظيم يشغل ما بين السماء والأرض يفتح فاه ، محاولا التهامي ، ففزعت منه وهربت ، وإذا بشيخ ذو ريح طيب كريح المسك يقف أمامي ، فألقيت عليه السلام ، فرده علي ، فطلبت منه أن يجرني من التنين ، فقال : أنا ضعيف ، وهو أقوى مني ، فأسرع لعلك تجد النجاة بعيدًا .

فتركت الشيخ ، وأخذت أجري حتى رأيت النار وكدت أهوى فيها ، فنادى علي منادي قائلًا : أرجع فإنك لست من أهل النار ، فشعرت ببعض الاطمئنان ، ولكني تذكرت التنين ، فعدت إلى الشيخ الطيب وقلت له أجرني ، فقال له : أنا ضعيف ، ولكني سأدلك على طريق للنجاة ، أذهب إلى هذا الجبل ففيه ودائع المسلمين ، ولك هناك وديعة لعلها تنجيك .

نجاة بن دينار بفضل وديعته:
يستكمل بن دينار قصته قائلًا : فاستدرت لأرى الجبل ، فإذا به جبل مستدير من الفضة ، فهرعت إليه والتنين مازال يلاحقني ، حتى أوشك أن يدركني ، فنادت الملائكة على أهل الجبل أن يخرجوا ، لعلني أجد وديعة تنجيني .

فخرجت الأطفال أفواجا أفواجا ، حتى رأيت ابنتي فيهم ، فصاحت أبي ، ووثبت على كتفي وتعلقت بي ، ومدت يدها اليمنى إلى التنين ، فهرب منها وابتعد عني ، فأجلستني وجلست في حجري ، وأمسكت بلحيتي وقالت قول الله عز وجل : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله .

فبكيت وقلت لها يا بنيتي : أنتم تعرفون القرآن ! فقالت : نحن أعلم به منكم ، فقلت لها فأخبريني عن التنين العظيم الذي كاد أن يفتك بي ؟ قالت : هو عملك السيئ قويته وعززته فكاد أن يلتهمك ، ويغرقك في نار جهنم.

قلت لها : فأخبريني عن الشيخ الطيب ؟ فقالت : هو عملك الطيب قللته وأضعفته حتى صار ضعيفًا لا يقوى على مواجهة عملك السيئ ، قال لها : وما بال هذا الجبل لماذا تقطنوه ؟ قالت : نحن أطفال المسلمين ، أسكننا الله به حتى قيام الساعة ؛ حتى نشفع لكم .

توبة بن دينار :
هنا استيقظ مالك من نومه على صوت الأذان يدعوه لصلاة الفجر ، وسمع الإمام يقرأ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) [الحديد: 16] ، فعلم أنها رسالة الله ، والرؤية ما كانت إلى دعوة من الله يدعوه بها إلى التوبة النصوح .

فاغتسل بن دينار ، وتوضأ وصلى الفجر ، وعاهد الله على التقوى والعمل الصالح ، وصار من الزهاد الذين يبتغوا فضل الله ، ولا يرضون بغير رحمته وهداه ، وظل هكذا حتى وافته المنية بفضل عطية الله ووديعته التي أخذها منه حتى تشفع له.

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby