قصص اجتماعية

قصة ربع قرن آخر | قصص

ADVERTISEMENT

كان يوم رائع بالنسبة له ، فقد قادته الصدفة أن يلتقي بصديق طفولته ، الذي لم يره من ربع قرن ! كل ما حدث هو أن راوده الحنين لكي يزور ذلك المقهى الذي يجاور المنزل الذي تربى فيه ، فقد كان ذلك المقهى ناديًا ، يلتقي فيه جميع أبناء الحي قبل أن يتزوج ويرحل ، وكان رحيله منذ ربع قرن ، حينما كان عمره أيضًا .. ربع قرن .

حنين للطفولة :
وهذا صديق طفولته وجده كما تركه ، منذ ذلك الحين ، لم يتغير فيه أي شيء سوى ملامح الزمن الدالة على عمره ، حتى المقهى ظل دون تغير أيضًا ، كل ذلك شجعه على أن يفتح قلبه لصديق طفولته ، فأخذ يحكي باسترسال عن كل ما حدث له طوال تلك السنوات ، فقد أحس بالبراءة والاطمئنان تمامًا كما كان في الماضي .

حياة اجتماعية :
لم يهتم كثيرًا بأن يحكي عن ظروف عمله ، وما وصل إليه من انجازات ، فقد كانت الأجواء تدفعه دفعا كي يحكي فقط عن حياته الاجتماعية ، عن زوجته وأولاده ، إنها المرة الأولى ، التي يتحدث فيها عن ظروف زواجه ، فقد كانت سرًا بينه وبين نفسه طول عمره ، وكان لقاؤه بصديقه هو الفرصة الأولى ، بعد تلك السنوات ، لكي يفرغ ما في قلبه وصدره من هموم وأسرار .

أسرار الحب الأول :
قال لصديقه : أعلم أنك الوحيد الذي كان يعلم قصة حبي الأول ، فقد كنت أحب تلك الفتاة حبًا لم أنساه ، ولن أنساه ، كانت مثالاً لكل صفات الجمال ، عدا أنها كانت مطلقة حديثًا ، لم أنسى أبدًا ذلك اليوم ، فاحت فيه أبي لأخبره عن رغبتي في زواجي منها ، ثار ثورة لم أشهدها منه من قبل ذلك ، كان غاضبًا جدًا ، وكأنني أريد أن أتزوج عاهرة ، هددني أنه سوف يحرمني من كل شيء ، إذا لم ألغي تلك الفكرة ، هددني بغضبه وقطيعته ، هددني بأن أختار بيه وبينها ، حتى تركتها بالفعل !

شيء لا يصدق :
لم يمض وقت طويل بعد ذلك ، حتى زوجني أبي من يرضاها هو ، تزوجتها دون حب ، ولم تنجح السنوات الطوال ، أن تخلق بين قلبينا مثل هذا الحب الذي ضاع مني ، أنا لم أكره زوجتي ، ولكن لم أفلح في حبها مثل فتاتي تلك ، رغم كل تلك السنوات ، ورغم الأولاد الذين بيننا ورغم العشرة الطيبة ، لازلت لا أنسى فتاتي تلك ، شيء لا يصدق !

ساعة وتأخير :
نظر كل منهما في ساعته ، لقد تأخر الوقت ، لكن مازال هناك الكثير لكي يحكيه إلى صديق طفولته ، لا يزال يريد أن يحكي له عن أولاده ، اتفقا على أن يتحدثا تليفونيًا خلال الأيام المقبلة ، لكي يتفقا على معاد آخر عما قريب .

بعد مرور أيام قليلة :
وبعد مرور قليلاً من الأيام ، دخل عليه ولده الأكبر ، يريد أن يتحدث معه في أمر مهم ، يا له من خبر سعيد ، لقد قرر الابن أن يتزوج أخيرًا ، يبدون أنه قد أحب فتاة ما ؟ من هي يا ترى ؟ أخبره الابن بأمرها ، انها الفتاة الجميلة ، التي تسكن مع والديها في الطابق العلوي ، تلك الفتاة التي تزوجت العام الماضي ، وطلقت من زوجها من شهور قليلة .

ربع قرن آخر :
ثار الأب على ابنه ثورة عارمة ، إن هذا الزواج هو الأول لابنه والأول لولد من أولاده ، لماذا لا يختار عروسًا عذراء ، لم يسبق لها الزواج ؟ هل تلاشت العذراوات من البلاد ليختار مطلقة ؟ وماذا عن كلام الناس ؟ وماذا عن المشاكل التي يمكن أن تحدث من ناحية الطليق السابق الذي سيظل شبحا بينهما .

النهاية :
فجأة دق جرس الهاتف ، إنه صديق طفولته يذكره لأنهما اتفقا منذ أيام ، على أن يلتقيا ثانية لكي يحكي له عن أولاده ، نظر إلى ولده الذي يوبخه أمامه ، تذكر حديثه ذاك مع صديقه منذ أيام ، تردد قليلاً ، ثم اعتذر لصديقه بحجة واهية ، لكي يؤجل اللقاء إلى وقت آخر ، لابد ألا يلقاه فلن يستطيع أن يحكي له بصدق ثانية ، قرر أن يماطل في اللقاء عساه أن يؤجله لربع قرن آخر .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby