قصص بوليسية

قصة الأمير عبد القادر الجزائري والخائن لين روش

ADVERTISEMENT

عالم الجواسيس والعملاء السريين ملف مفتوح على موائد الدول كافة وما زاد من أهمية ملف مثل هذا هو تناول السينما لشخصيات العملاء في عالم الجاسوسية ، بالسرد وتسليط الضوء عليهم ، وقد أثرت الجاسوسية في الحروب والصراعات بين الدول ، والوطن العربي ليس بمنأى عن تلك الأحداث ، فقد كان هذا الوطن مرتعًا لعدد من الجواسيس ، الذين استطاعوا استغلال العاطفة الدينية والحس الوطني ، لأبناء الشعوب من القيادات العربية الأصيلة ، للإيقاع بهم والنيل منهم .

والجزائر إحدى الدول العربية والتي شهدت وجود عددًا من الجواسيس وذلك إثر احتلال فرنسا للجزائر وسيطرتها على الحكم عام 1830م ، ولكن عقب مرور سبعة أعوام من هذا الاحتلال ، وسقوط مدينة الجزائر في قبضة الفرنسيين استطاع أبناء الشعب الجزائري ، التجمع تحت راية واحدة وكان أبناء الجزائر التفوا تحت مظلة اسمين ، عرفا في المقاومة الجزائرية ، أولهما الحاجة أحمد باي ، الذي كبّد الفرنسيين الكثير من الخسائر ، في فترة الحملة الفرنسية الأولى على قسنطينة .

والشخص الثاني الذي التف حوله أبناء المقاومة الشعبية الجزائرية ، كان الأمير عبد القادر الجزائري ، الذي سلط نفوذه في منطقة الغرب ، واعتبر المناطق التي ساد نفوذه فيها ، هي مناطق حكومة موازية بعيدًا عن سيطرة الاحتلال الفرنسي ونصّبه أبناء تلك المنطقة أميرًا في عام 1932م .

وبحلول عام 1937م كان الأمير عبد القادر قد وقع معاهدة مع رؤساء الاحتلال الفرنسي ، كانت تدعى معاهدة التافنة ، وهي معاهدة سلمية كان تقتضي بوقف الحرب بين الطرفين مؤقتًا ، حيث احتاج الطرفان لإعادة توزيع وتكوين صفوفهما حيث كان الحاج أحمد باي يكلف الفرنسيين خسائر واسعة في منطقة شرق الجزائر الواقعة تحت سيطرته .

فيما احتاج الأمير عبد القادر إعادة توزيع جنوده ، وحل الكثير من المشاكل الداخلية التي كان يعاني منها ، الإقليم الواقع تحت إمرته ، وكذلك أراد التزود بسلاح ومؤن بدلاً من التي نفدت .

وعقب إبرام تلك المعاهدة قام مترجم الجيش الفرنسي لين روش والذي كان يتقارب في العمر مع الأمير عبد القادر ذو الأربعة وعشرين عامًا آنذاك ، باستغلال تلك الهدنة حتى يتقرب من معسكر الأمير ، ويقنعه أنه يرغب في الدخول إى الإسلام والانتقال من لجبهة القتالية الأخرى ، إلى جبهته ليعمل تحت لواء المسلمين وساعده إتقانه للغة العربية ، في وضع خدماته رهن إشارة الأمير ، مما دفع الأخير للاطمئنان له .

وكان روش مستبدًا وخائنًا استغل عاطفة الجزائريين نحو الدين ، وأخبراهم أن حياته في خطر واضح ، إثر ارتداده عن المسيحية ، وانضمامه لأطراف المسلمين وقد اقتنع الكثيرون بهذا الأمر ، فأحسنوا استقباله وساعدوه كأخ لهم وعقب فترة من لوقت استطاع روش أن يدبر موعدًا برفقة الأمير عبد القادر الجزائري من أجل تعليمه مباديء الصلاة وبعض أحكام الدين الإسلامي وعرف نفسه له ، بأنه فرنسي حديث العهد بالإسلام ، ويرغب في خدمة الأمير .

كانت خيانة ليون روش تتمثل في ، توغله بمعسكر الأمير عبد القادر ونقل أخبار دولته للجانب الفرنسي ، خاصة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ، ولم يغب عن روش أن ينقل للفرنسيين ، التقدير التي يحظى به الأمير بين أتباعه ، خاصة وأنه متمسك بتعاليم الدين الإسلامي ، مما جعله صادقًا في وعده معهم .

وكان أمر روش قد افتضح بأعجوبة ، إلا أنه استطاع خداع الأتباع ومنعهم من قتله ، بمراوغة منه بأن الأمر ، يجب أن يصدر من الأمير نفسه ، وإلا كان إثمًا عليهم في الدين ، واصطنع التقى والورع ، حتى أفلت من بين أيديهم ، وعاد للجانب الفرنسي مرة أخرى ، واستمر في أعمال الجاسوسية ، عقب انقضاء الهدنة بين الجزائريين والفرنسيين ، وواصل عمله في كل من اليابان والمغرب بعد ذلك .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby