قصص عالمية

قصة أيزرهادن | قصص

ADVERTISEMENT

تحكي قصة الملك الآشوري أيزرهادن مع الشيخ العجوز الذي جاءه فجأة ليخبره أنه لا يستطيع أن ينزع الحياة من أحد .

نبذة عن المؤلف :
هو الكاتب الروسي ليو تولستوي من عمالقة الكتاب والروائيين الروس ، كان داعية ومصلح اجتماعي ، من أعظم أدباء القرن التاسع عشر والأدباء على الإطلاق ، ولد عام 1828م وتوفى عام 1910م ، من أشهر أعماله رواية الحرب والسلام .

القصة :
انقص أيزرهادن الملك الآشوري مثل انقضاض الوحوش عذب الناس وخرب المدن وأخذ كل ما فيها آسرى ، وذبحهم وألقى بملكهم بالسجن ، وبينما هو جالس في ليلة يفكر في أفظع طريقة لقتل الملك الأسير بين يديه سمع صوت حفيف يقترب منه فرفع عينه وجد شبح لرجل طويل القامة له لحية بيضاء ، وفي عينيه سلام فقال له الملك خبرني كيف السبيل ، فقال له الرجل ولكنه أنت فقال له الملك أنا من ؟

ليللي ، فقال له الملك هل جننت إن ليللي هو ليللي أنما أنا هو أنا ، وهمت يا صاحبي فأنت وليللي كل لا يتجزأ ، قال الملك ولكني لا أفهم ، أنا أجلس وسط غلماني وجواري بينما ليللي هناك في سجنه وغدا سوف أقتله فقال له الكهل ولكنك لن تسلبه الحياة .

إذن ما رأيك يا شيخي العزيز في الأربعة عشر ألفًا من الجنود الذين قتلتهم ، فأين هم الآن لقد قتلتهم وليس لهم أي وجود ، فقال الشيخ ومن يدريك أنهم لا وجود لهم ، فقال له إنني لا أراهم الآن قد أكلتهم الطيور بالأمس ، فقال له أنت في هذا واهم ما فعلت إلا أن قتلت نفسك ، فقال له كيف فرد عليه أتريد أن تفهم قال له نعم .

فأشار الشيخ إلى إناء فيه ماء وقال له أجلس فيه ، فنهض الملك وجلس بداخله وأمسك الشيخ بقارورة وقال له أحنى رأسك وسكب عليه السائل ، فرأي نفسه متكأ على سرير بجانب سيدة عرف أنها زوجته ونهضت المرأة وقالت له إن ليللي زوجي العزيز لقد رأيت أعمالك متعددة ومعقدة بالأمس ، أنهكت قواك فرحت في النوم ، قم يا مولاي إلى البهو الأعظم حيث الحكماء والأمراء ينتظرونك .

فقال الملك أيزرهادن قد وقر في نفسه أنه ليللي ، وعجب كيف لم يستطيع أن يتعرف على نفسه من قبل ، ثم تهاوي في جلالة الملك للبهو الأعظم فحيا الأمراء ملكهم ليللي ثم جلسوا بأمره ، ثم استهل كبير الوزراء الكلام وقال له من المستحيل أن تتغاضى الملكة عن الإهانات الوقحة ما يوجهها الملك الأحمق إيزرهادن ملك الآشوريين لابد من الحرب .

فانتفض ليللي وقال إن الأمور تصرف بالسلام لا بالصدام ، وأصدر الأوامر أن يبعث له رسول للتفاوض وزود الرسل بما يقولون ويفعلون معه ، وقضي الملك الليل من ندمائه في لهو وهكذا عاش الملك مقسمًا بين ضرورات الحكم ومسرات القلب ، انتظر أيام وأسابيع عودة الرسل ، وعاد الرسل بعد شهر بدون أنوف ولا أذان ، قد أخذهم رهينة ليقول له ما حل بهم سوف يحل بك ، ثم جمع ليللي أمراءه وتشاوروا وبالإجماع أعلنوا حربًا على ملك الآشوريين .

وفي اليوم الثامن تقابل الجيشان ببطن وادي مكشوف دافع الملك ليللي دفاع الأبطال ، ولكنه سرعان ما جرح وأخذ أسيرا ، ولكنه لم يعاني من الآسر والجروح والجوع كما عانى من آلام الروح ، اثنا عشر يومًا ينتظر الموت وهو يرى في كل لحظة خلصائه يساقون إلى الموت ، وأخيرًا صوت السلاسل وفُتح باب السجن ودخل جنديان فنهض الملك وكبلوه بالحديد وساقوه إلى ساحة الإعدام .

وساقوه إلى منصة الإعدام وحينئذ صاح الملك وقال ، إنه الأجل فقد الملك شجاعته وبكى ، ووقع على أقدام الجلادين يسترحمهم ولكن لا مجيب ، وهنا صاح الملك لا يمكن إنه حلم ، وقال إيزرهادن يا إلهي كم قاسيت من العذاب وكم طال هذا الكابوس ، فأجابه الشيخ كم طال الكابوس إنه لحظة دون غفوة العين ، فهل فهمت الآن .

نظر الملك في رعب ولم يجب ، فقال له أرأيت أن ليللي هو أنت وأن الجنود الذين عذبتهم وقتلتهم ليسوا أحدًا غيرك ، إنك تظن أيها الملك أن الحياة تجري في عروقك وحدك ، إنما حياتك جزء من الحياة العامة ، فأجب هل يمكنك أن تجعل الحياة أسوأ مما هي أو أحسن مما هي ، هل يمكنك أن تمدها قليلًا حتى تطول ، فما في استطاعتك أن تحقق الحياة إلا في نفسك ، وأن تحطم الحواجز بين الآخرين وحياتك ، وأن تنظر للآخرين النظرة التي تنظرها لنفسك وتحبهم كما لو كانوا منك .

خطأ أن تظن أن حياة الآخرين الذين قتلتهم قد اختفت ، لأنك لا تراها فالحياة لا تعرف الزمان والمكان فحياتك وحياة الكائنات واحد ، مستحيل أن تهب الحياة لأحد ، فالحياة هي الشيء الوحيد الذي يوجد إلى الأبد ، قال الشيخ هذا واختفى .

وفي صباح اليوم التالي أصدر الملك أيزرهادن أمرًا بإطلاق سراح الملك ليللي وإلغاء كل أحكام الإعدام ، ثم استدعى ابنه وتنازل له عن العرش بكل قوة ، وخرج هو إلى الغابات يتأمل وطاف بين البلاد والمدن لكي ينشر أن الحياة واحدة .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby