قصص رعب

قصة الآلة الكاتبة | قصص

ADVERTISEMENT

الجماد ، ليس كل الجماد بلا روح أو ساكنًا وإنما هناك جماد يتحرك ويتفاعل بل ويكتب ! إذا كنت لم تقع في تجربة مع الجماد الحي ، فلا شك أن ما سوف تقرأه سيكون صادمًا بالنسبة لك .

يقول الراوي ويدعى أحمد ، أنا شاب في السادسة والعشرين من عمري أعمل محاسبًا بإحدى الشركات الخاصة ، وأعيش عازبًا ، فقد توفى والدي في فترة طفولتي وقام عمي بتربيتي وبمجرد بلوغي سن الرشد ، أعطاني ميراثي ، فاشتريت شقة صغيرة أعيش بها وحدي .

لا شيء مميز في حياتي سوى هوايتي في القراءة ، وتعلم بعض البرمجيات ، وليس لي أصدقاء سوى اثنين فقط ، أراهما من وقت لآخر ويلقبونني بمجنون الكتب ، بمجرد أن حصلت على راتبي ، توجهت نحو منطقة معروف عنها أنها مثل مكتبة ضخمة ، كافة المكتبات فيها تبيع الكتب ، تجولت بين المكتبات ثم توقفت قليلاً أمام مكتبة صغيرة ، يقف بداخلها عجوز محني الظهر ، ألقيت التحية وتجولت بين الأرفف علي أجد فيها ما هو مميز .

وقعت عياني على كتاب يدعى آلتي الكاتبة ، لفت نظري العنوان وقررت أن اشتري هذا الكتاب ، فأخبرني العجوز أن هذا الكتاب لم يشتريه أحد قط وكل من أمسكه بين يديه أعاده فورًا دون سبب واضح ، حتى أنه قد اضطر لإعادة كافة النسخ إلى دار النشر ، وظل لديه نسخة واحدة فقط لا غير هي التي بين يداي!

دفعت ثمن الكتاب واتجهت إلى شقتي ، لأتناول العشاء وأقرأ الكتاب الجديد ،  في البداية وجدت مقدمة من الكاتب أنك لا يجب أن تنتبه لأرقام الهاتف الموجودة ، وأن الكتاب يحوي عددًا حقيقيًا من الطلاسم والتعويذات فلا تقرأها ، وأن من يتحدث ليس هو الكاتب وإنما ضميره .

بالطبع قلت في نفسي أنها مقدمة بارعة وشيقة من الكاتب ، واستكملت القراءة حيث يقول الكاتب بأنه شخص أعزب مثلي ، يعشق التحف والآثار وقد خصص غرفة في منزله يضع فيها كل ما يشتريه من تحف وأشياء قديمة ، وفي أحد الأيام ، قرأ الرجل إعلانًا بالجريدة عن تحفة ثمينة لمن يرغب في جمع المقتنيات القديمة ، وترك رقم هاتفه .

هاتفت الرجل فإذا به رجل في متوسط العمر ويدعى جورج ، كان ودودًا جدًا ودعاني لرؤية التحفة في منزله ، أخذت العنوان في مفكرتي وذهبت إليه باليوم التالي ، استقبلني الرجل بحفاوة وكان يبدو عليه الطيبة ، وعقب أن تناولنا الشاي أخذني لرؤية ما جئت لشرائه ، وقد فوجئت إنها آلة كاتبة ، لا يعرفها الجيل الحالي ويبدو عليها القدم وأنها بالفعل ذات قيمة ، تفاوضنا في سعرها وأخذتها وانصرفت ، ولكن قبل انصرافي سمعت الرجل يتنفس الصعداء ويقول بصوت منخفض ، أخيرًا تخلصت منها !

وضعت الآلة في غرفة مكتبي وليس في غرفة المقتنيات ، فأنا جيلي لا يعرف هذا النوع من الاختراعات وكان شكلها قيّم ، كان الوقت قد تأخر فتركتها وذهبت وخلدت للنوم ، استيقظت في منتصف الليل على صوت أزرار الآلة الكاتبة تتحرك وكأن هناك من يكتب عليها! فزعت بالطبع فأنا أعيش وحدي لا أحد معي .

ذهبت إلى مكتبي لأجدها بالفعل تتحرك وتكتب من تلقاء نفسها ، نظرت إليها قليلاً ثم جئت ببعض الأقمشة والمنظفات وأخذت أنظفها حتى بدت كالجديدة نوعًا ما ، ومجرد أن خرجت من الغرفة سمعت صوتها تتحرك ثانية !

في اليوم التالي ذهبت لمتجر وسألته بشأن الآلة الكاتبة وقال لي الرجل لا توجد في العالم آلة كاتبة تعمل من تلقاء نفسها! الأمر غريب جدًا ، عدت إلى منزلي ومكثت أنجز بعض الأشياء ، وذهبت للنوم ، وإذا بي أسمع صوت الآلة تتحرك مرة أخرى .

نهضت وأخذتها إلى غرفتي ووضعتها متأملاً في حركتها ، ولكني لم أستطيع النوم ، فنهضت وأحضرت بعض الأوراق وضعتها بها ، وبدأت أكتب ، فكتبت ما أردت ، سعدت كالأطفال بها وبدأت تلمع في رأسي فكرة كتابة مذكراتي وشرعت في الكتابة إلى أن خلدت إلى النوم .

في اليوم التالي ، وعقب أن انتهيت من كتابة بعض الأحداث باستخدام الآلة ، قمت لإعداد كوبًا من الشاي ، وإذا بي أسمعها تكتب ، فذهبت بخطوات خفيفة نحو الغرفة لأجدها تكتب على الورق حروف إنجليزية متفرقة ، نعم فهذه المرة الآلة تكتب وتظهر الكلمات على الأوراق .

وقفت أقرأ ما كُتب وأخذت أستوعب الحروف ومعناها ، فوجدتها قد كتبت Death أو الموت ، ارتعبت وتراجعت إلى الخلف قليلاً ، وفي نفس اللحظة انقطع التيار الكهربائي ، كان توقيت غريب ولكني تراجعت فزعًا حتى كدت أسقط وكأن الآلة وحش سوف ينقض ليلتهمني .

زحفت أرضًا نحو غرفة الطهي حتى أجد شمعة أو الكشاف ، ولكني تذكرت أن الكشاف بدرج مكتبي في غرفة النوم ، سمعت صوتها تكتب مرة أخرى ، وعندما عاد الضوء وجدت الأزرار تمتلئ دمًا طازجًا ، وقد كتبت عن حادث لم أكتبه بعد وهو عن شقيقتي التي دهستها سيارة أمام عيناي وأنا طفل وفارقت الحياة ، وتسبب لي هذا الحادث في علاج دام سنوات .

لم تتوقف الآلة عند هذا الحد ، فلقد كتبت أن أمي قد توفت وهي غاضبة مني وسوف تنتقم ، وأن الموتى لا ينتقمون سوى في الظلام ، وانتظر الانتقام ، ارتعبت وأخذت أصرخ بشدة ، ثم تذكرت لهاتف فأخذته وهاتفت جورج فقال لي الرجل أنا لا أعرفك وأغلق لهاتف في وجهي !

ارتديت ملابسي وذهبت إلى منزل جورج ، وما أن رآني حتى قالي لي لا تأتي إلي مرة أخرى ، فقلت له تذكرتني الآن ولكمته ليسقط أرضًا ، وبكي وقال لي سوف أعترف لك بكل شيء.

قال لي جورج أن شقيقه قد اشترى تلك الآلة في أحد الأيام ، وكان معجبًا بها في البداية ، وبمرور الوقت بدأت الآلة تستحوذ على تفكيره كليًا ، لدرجة أنه كان قد بدأ يعمل عليها ليلاً ونهارًا ، ويقول جورج استيقظت في أحد الأيام وإذا بشقيقي يعمل على الآلة طوال الليل وحتى بزوغ النهار .

نظرت إليه لأجد يديه وقد نزفتا بشدة وأغرقت الآلة وبدأت دماءه تسيل أرضًا ، فركضت نحوه وسألته ماذا تفعل ؟ فنظر لي بعيون باكية وهو لا يستطيع الحديث وكأن هناك ما يربطه أمامها ليكتب فقط ، حتى أنني قد أزحته بعيدًا عنها فأخذ يصرخ بشدة متألمًا ، وقد ارتعبت عندما لم أجد لسانه !

نعم قطع لسانه حتى لا يتحدث ، ووجدت الآلة تكتب من تلقاء نفسها ، فنظرت على الأوراق لأجدها قد كتبت اللعنة مستمرة ، أخذت الآلة وألقيتها بشدة ظنًا مني أنها سوف تنكسر ولكن هذا لم يحدث ، قررت إحراقها وبالفعل كدت أن أفعل ، فإذا بها تكتب إذا أردت التخلص من اللعنة يجب عليها أن تبيعها لشخص آخر ، وهنا أتتني فكرة الإعلان وجئت أنت لتشتريها ، لقد بعتها لك لكي أتخلص من اللعنة .

كدت أن أفقد وعيي وأنا أقول له ، أنني مثل شقيقه في العذاب هذا ، وأن الآلة قد بدأت تكتب أحداثًا متفرقة من حياتي ، وأحداث لم تحدث بعد وأخرى كاذبة لا وجود لها من الأساس ، فنصحني جورج أن أبيعها حتى تتوقف لعنتها .

ذهبت إلى منزلي وقررت أن أبيعها ولكن بطريقتي ، فبدأت أكتب القصة على الأوراق حتى يقرأها أحدهم ويأخذه الفضول ويتصل بي في الهاتف المكتوب ، ويشتريها مني ، يقول الراوي ، أغلقت الكتاب وأنا لا أدري هل كانت المقدمة حقيقية ؟ أم مزاح ، انتهيت من القراءة وغبت في نوم عميق ، لأستيقظ في اليوم التالي وأجد إيصالاً بدفع رسوم ما مقابل وصول  طرد إلى منزلي! اندهشت متى حدث ذلك أنا من الأساس لم أشتري شيئًا .

مرت دقائق وإذا بإنذار الباب يرن ، فذهبت لأجد شخصًا يحمل صندوقًا كبير الحجم إلى حد ما ، ويقل لي أنه يريد الإيصال الذي لدي ، فأجبته أنني لا أعرف شيئًا بشأن هذا الطرد ، فقال لي الإيصال بين يديك بالفعل ، ودخل ليضع الصندوق على أقرب مقعد وأخذ الإيصال وانصرف ، استدرت لأخمن من بالصندوق وأرعبتني الفكرة بمجرد تخيلها ، ومجرد أن ذهبت إلى غرفتي لأرتدي ملابسي ، سمعت صوتها وهي تكتب داخل الصندوق ! الآلة الكاتبة .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby