قصص اسلامية

قصة عمر وأم سلمة يوم الحديبية

ADVERTISEMENT

يقول المولى عزوجل في تحريم القتال بالبيت الحرام ؛ {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} فلعلهم حين تأتي أشهر التحريم أو يأتي مكانه يستريحون من الحرب ، فيدركون لذة السلام وأهمية الصلح ، فيقضون على أسباب النزاع بينهم دون حرب ، فسعار الحرب يجر حربًا ، بينما تجر لذة السلام وراحة الأمن وهدوء الحياة ، ميلاً للمصالحة وفض النزاعات دائمًا بالطرق السلمية.

والمتأمل في هذه الأماكن التي حرمها الله يجدها على درجات ، وكأنها دوائر مركزها بيت الله الحرام ، وهو الكعبة ثم المسجد الحرام حولها ، ثم البلد الحرام وهي مكة ، ثم المشعر الحرام وهو مزدلفة ؛ والذي يأخذ جزءً من الزمن فقط في أيام الحج .

والكعبة ليست كما يظن البعض بأنها هذا البناء الذي نراه ، وإنما الكعبة هي المكان ، أما هذا البناء فهو المكين ، فلو نقضت هذا البناء القائم الآن فمكان البناء هو البيت ، هذا مكانه إن نزلت في أعماق الأرض أو صعدت في طبقات السماء .

وبالعودة إلى ما دار بين المسلمين والكافرين يوم الحديبية ، نجد أن الكافرون قد صدوا المسلمين عن بيت الله الحرام وهم على مرمى بصر منه ، مما تسبب في احتقان المسلمون ورأى بعضهم أن يدخلوا مكة عنوة ، ورغمًا عن الكفار .

ولكن كان بين رسل الله صلّ الله عليه وسلم ظن سر بينه وبين المولى عزوجل ، فنزل على شروط الكفار وعقد صلحًا معهم عُرف بصلح الحديبية ، ذلك الصلح الذي أثار حفيظة الصحابة وعلى رأسهم عمر بن الخطاب ، فقال لرسول الله ؛ يا رسول الله ألسنا على الحق ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام بلى ، فقال عمر أليسوا هم على باطل ؟ قال النبي بلى ، قال عمر فلم نعطى الدنيّة في ديننا.

وكان من بنود هذا الصلح أنه إذا دخل أحد الكفار إلى صفوف المسلمين وأسلم يرده محمد ، أما إذا دخل أحد المسلمين صفوف الكفار وصار من بينهم ، فلا يردوه ، وكان للسيدة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ، موقفًا عظيمًا في هذه الشدة ، ورأي سديد أعاد الرجال إلى الرشد والصواب ، حيث عاد رسول الله الأمين إلى فسطاطه مغضبًا ، وقال لأم سلمة ؛ هلك المسلمون يا أم سلمة ، لقد أمرتهم فلم يمتثلوا ؛ أي أمرتهم بالعودة هذا العام دون أداء العمرة.

فقالت له السيدة أم سلمة ، يا رسول الله إنهم مكروبون فقد منعوا من بيت الله وهم على مرمى بصر منه ، ولكن اذهب إلى ما أمرك به المولى عزوجل ، فأفعل فإذا رأوك قد فعلت عرفوا أن الأمر عزيمة ، وبالفعل أخذ رسول الله صلّ الله عليه وسلم بالنصيحة فذهب فحلق وذبح هدية ففعل الناس مثله ، وانتهت هذه المسألة.

ولكن قبل أن يعودوا إلى المدينة أراد الله أن يبين الحكمة من قبول رسوله لشروط المشركين ، رغم أنها ظالمة ومجحفة كثيرًا أمامهم ، فأولاً عقد هذا الصلح قد ساعد في الاعتراف بسيدنا محمد ومكانته ومنزلته ، وأنه قد صار مساويًا لهم وهذا مكسب عظيم .

وثانيًا ؛ اتفق الطرفان على إيقاف القتال بينهما عدة سنوات ؛ مما ساعد المسلمين على استقبال الوفود ونشر دين الله ، وثالثًا ؛ أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يستطيع أن يقتل الكفار جميعًا ، ويدخل مكة رغمًا عن أهلها ، ولكن ماذا بشأن المسلمين الذين يسترون إيمانهم بين الكفار ؟ فقد كان سينالهم نصيب مما يصيب الكفار .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby