قصص رعب

قصة 25 قرشًا | قصص

ADVERTISEMENT

ما الذي يفعله بالضبط ؟ يتردد السؤال في ذهنها وهي تراقبه بخوف ، هادئًا كان يداعب تامر! ، يخرج قطعه نقدية من جيبه 25 قرشًا ، قطعة نقدية على شكل حلقة معدنية ، حين رأتها شعرت بقشعريرة باردة تسري في جسدها !

قطعة نقدية معدنية :
يقذف بالقطعة في الهواء ليلتقطها على يده ، ويقول لأبنها تامر : تستطيع أن تفعلها ؟ تشد على أسنانها بغيظ وألم ، هو يفعل هذا عن قصد ، يعذبها به ، لم يتبادلا الكلام ولا مرة ، إنه حتى لم ينظر إليها ، كما لو كان يتجاهل وجودها من الأساس ، على طاولة الغذاء كان ينتظر ، طفلهما تامر بين ركبتيه ، تضع الأطباق على المائدة وهي لا تكف عن مراقبته بنفس الذعر ، يضحك بفرح غريب مع تامر ، يداعبه كما لم يفعل من قبل ، ويخرج القطعة النقدية من جديد !

تجاهل :
على المائدة الخشبية المصقولة ، يدير القطعة بسبابته وابهامه ، وتدور حول نفسها القطعة النقدية ، تدور.. تدور.. وتزداد سرعتها مع كل دورة ، وتزداد وهي تقوم بحركة لولبية فوق سطح المائدة ، قبل أن تتهاوى فجأة ، للصوت المعدني في أذنيها وقع مختلف ، رنان ، ومؤلم ! .. يتناولا الغذاء دون أن يتبادلا الكلمات ، ينقل الطعام إلى طبق تامر بنفسه ، ويحثه على الأكل ، مستمرا في تجاهلها ، كانت تحترق من الداخل ببطء وألم ، ترى تامر وكأنما يتجاهلها بدوره ، ألم يجد ضالته في صحبة أبيه ! وهو الذي كان يعاني من فقدانه صحبته كثيرًا ؟

أجازة :
الآن هو معه طوال الوقت ، لم تعرف كيف لم يذهب للشركة منذ خمسة أيام متتالية ؟ لكنها استنتجت أنه طلب أجازة ؟ ربما لأول مرة في حياته يطلب أجازة ؟ .. تتساءل : كيف سيمر اليوم أيضا وهما على هذا الحال ؟ منذ خمسة أيام وهو على هذا الحال معها ! لا يغادر الشقة إلا لدقائق لشرب السجائر في الكشك المقابل للعمارة التي يقطنون بها ، يراقبها ! يلهو بالقطعة المعدنية مع تامر ، يعذبها ، ينتقم منها !

زيارة عائلية :
فكرت أن ترحل وتنفذ بجلدها ، لكن لا مكان تعرفه يؤويها ، لن تقبل العائلة التقليدية المحافظة بأن تغادر ابنتهم بيت زوجها ، وهي أيضًا لا تريد ، الابتعاد عن ابنها ، كانت ترتجف لفكرة أنهم على موعد الليلة مع عائلتها ، موعد الزيارة الشهرية لهم ، إذ يحضرون لرؤيتها من مدينة مجاورة ، وهذا يعني أن عليها أن تعد طعام العشاء للعائلة ! أبوها .. أمها .. أخوها.. زوجة أخيها ..

25قرشًا :
لم ترد أن تطلب منه نقودًا لشراء بعض الأشياء ، لكنه فهم ما تفكر فيه ، دون أن يرى حتى نظرة عينيها القلقة ، على طاولة المطبخ رأت المصروف الذي تركه هناك ، وهي تغسل الأطباق ، المبلغ كله بقطع نقدية من نفس القيمة والنوع 25 قرشًا !!! .. تراجعت بذعر لمرأى القطع النقدية ، لم تحتمل هذا بعد! أرادت أن تبكي أن تصرخ ، ولكن الدموع أبت أن تفر من عينيها .

صرخات مكتومة :
وكتمت صراخها بقوة القهر ، نادت البواب ليشتري الحاجيات ، وعادت لتقوم بتنظيف الصالون ، بينما كان هو يلهو مع تامر على جهاز اللعب في غرفته ، كانت ضحكات الفتى تصل إلى أذنيها ، فتتعذب وتحترق حية كأنها في جحيم حقيقي !

لن يستطيع فعل شيء :
ليلاً كانت مائدة العشاء معدة على أحسن ما يكون من اعداد ، وكان الجميع سعيد نشيط ، باستثنائها هي ، حتى هو يتحدث مع أبيها بحميمة غريبة ، وكأنه يسخر منها ، طبعا هو يسخر منها ، لاحظ أخوها أنها ذابلة ، شعر بمعاناتها ، لكنه لم يعرف كيف يتصرف ، لن يستطيع فعل شيء ، قالت لنفسها ذلك ، في وقت ما من العشاء ، أخرج زوجها القطعة النقدية ، هنا جمدت مكانها من الرعب ، تحول قلبها إلى مضخة قوية تضخ الماء المثلج إلى عروقها .

قطعة نقود واحتراق:
تعلق كيانها كله بشفتيه ، سأل ببراءة موجهًا كلامه لأبيها : هل تعرف يا عماد لماذا تبدو قطعة النقود وكأنها تدور بسرعة على الطاولة ؟وأعقب قوله بأن أدار القطعة المعدنية بسبابته وإبهامه على السطح المصقول للمائدة  قال الب وقد اندهش للسؤال : لا.. ربما لأنه خداع بصري ؟ هز هو رأسه نافيًا وقال بابتسامة : أخطأت يا عماه .. ليس بخداع بصري !..كانت القطعة تدور حول نفسها متصارعة وراسمة حول نفسها لولبيًا ثم وقعت بين الأطباق .

وقال وقد جذب انتباه الجميع ، واستغرابها الفزع : من العجيب أن يقف العلم حائرا أمام ألغاز فيزيائية بسيطة كهذه .. نفس العلم الذي اخترع القنبلة الذرية .. وأوصلنا إلى القمر ! قال أخوها بفضول : ارني القطعة .. وعاد يدير القطعة على سطح الطاولة والجميع يتابعها باهتمام غريب ، كانت قطعة تدور وتدور وتدور .. ثم تسقط فجأة دون إنذار ، وبينما ترتسم على ملامحها علامات الاستغراب ، كمن يكتشفون شيئا جديدا ، كانت هي تحترق .

بعض الفيزياء لا تضر أحد :
لم تعرف ما الذي يفعله بها بالضبط لكنه ينجح .. وقال وقد سلب انتباه عائلتها كلهب شمعة يجذب الحشرات الليلية : في ابريل عام 2000 قام العالم الفيزيائي الانجليزي ، كيث موفات ، بنشر أول دراسة نظرية حول دوران قطعة معدنية على سطح أفقي ، نظريا لا تتوقف القطعة المعدنية عن الدوران لأن سرعتها ستبقى ثابتة .

ولكن في الواقع فالقطعة تدور بسرعة أكبر وأكبر أثناء حركتها على الطاولة قبل أن تتوقف بغتة ، استنتج كيث بأن هناك فقدان للطاقة ، وبوساطة حسابات ميكانيكية  بين أن تلاشى طبقة الهواء المحصورة بين القطعة والطاولة كاف لتفسير الظاهرة ، ستو أشهر بعد ذلك ، فندت فرضية كيث ، عندما قاك الباحث الأميركي جيرفان ديرانج ، بإعادة التجربة في الفراغ ولخص إلى أن وجود الهواء أو انعدامه لا يؤثر على الحركة الدورانية ، كان الجميع يتابع درسه كمن يستمع لحكاية مسلية ، لم لا ؟ بعض الفيزياء لا تضر أحد !

قهر:
أما هي فكانت تشعر بالقهر ، وتكتم في صدرها ، كان واضحا في حركتها العصبية ، وهي تضرب بالشوكة والسكين طبقها بعنف ، لكن أحدًا من عائلتها لم ينتبه لها ، وانغمسوا في حديثه العلمي الشيق ، منذ ذلك الوقت نشأ ميدان جديد في علم الديناميكا ، وأخذ الجميع يحاول وضع خاتمة للقصة ، دون أن يصل أحدهم إلى الحل القاطع والنهائي ، والذي كما اعترف كيرك ماكدونالد : لابد أن يكون حلاً معقدًا جدًا ، بعد نهاية كلامه كانت الساعة الحادية عشرة ، وكانوا جالسين في الصالون بعد أن شربوا الشاي .

دموع صامتة :
لذلك تظاهرت بالنعاس ، هنا قام الأب معلنًا عن رغبتهم في المغادرة ، ورافقهم حتى باب العمارة ، تبادل الأب كلمات مع الزوج وهي تراقبهم من نافذة الشقة التي ترتفع احدى عشر طابقا تراقبهم بتوتر ، وخوف حين عاد اطمأن على أن تامر نام بعمق ، وقصد غرفة الضيوف وطفأ اللنور من فوره .

بينما هي تنظف الأطباق في المطبخ وتفكر فيما يجب أن تفعله ،كانت تبكي بصمت وحرقة ، وبدأت ترى الوجود من حولها كأنه يعاقبها ، حين نظفت المطبخ جيدا ، مرت أمام غرفة ابنها ، ألقت نظره على تامر النائم كالملاك ، ذرفت المزيد من الدموع في صمت ، وخرجت من باب الشقة .

رحيل :
كان الجو بالخارج باردًا ، والنيل كئيب كأنما يناديها لتنفذ ماعزمت عليه ! وكانت تقف كالمحطمة على طرف الكورنيش ، والريح الباردة خلفها تدفعها بقوة ، هي أيضًا تقدم لها دعمًا إضافيًا ، على الصفحة السوداء من النيل ، والأنوار المتلألئة على سطحه كمئات القطع النقدية ، التي تبدو كأصفار لانهائية ، وقبل أن ترمي نفسها رأت كل شيء .

خيانة :
رأت نفسها مع عشيقها في غرفة النوم ، وزوجها يدخل فجأة عليهما ، لم يفعل شيئًا ، لم يقتلهما ، لم يتصل بالشرطة ، بقى ثابتًا يرمقها بغضب ، هي ، هي فحسب ، أمر العشيق أن يغادر ، لكنه استوقفه قائلاً : انتظر .. لقد قضيت وترك منها.. ادفع لها !.

اندهش العشيق ونظر للزوج بخوف قبل أن تمتد يده لحافظة النقود بتوتر ويخرج ورقة مالية ، لكن الزوج فجأة : هذه مجرد عاهرة رخيصة ، ماذا تفعل ؟؟..25قرشًا وحسب .. 25قرشًا ، وأعطى العشيق القطعة النقدية للزوج ، وغادر غير مصدق ، 25 قرشًا .. كل ما تساويه 25 قرشًا ..

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby