قصص حروب

قصة معركة يوركتاون أخر معارك الثورة الأمريكية

ADVERTISEMENT

كانت معركة يوركتاون أخر معركة كبرى دارت ضمن أحداث الثورة الأمريكية وتمت في الفترة بين 28 سبتمبر إلى 19 أكتوبر 1781م، ويتقدم جنوبًا نحو نيويورك، وفيها حاصر الجيش الأمريكي الفرنسي المشترك جيش اللورد تشارلز كورنواليس باتجاه نهر يورك في جنوب ولاية فيرجينيا، وبعد حصار قصير أجبر البريطانيون على الاستسلام وأنهت تلك المعركة فعليًا الصراع الدائر في أمريكا الشمالية وأدت في النهاية لعقد معاهدة باريس التي أنهت هذا الصراع.

اتحاد الحلفاء

خلال صيف عام 1781م قرر الجنرال جورج واشنطن نصب جيشه في مرتفعات هدسون حيث يمكنه من هناك مراقبة أنشطة الجيش البريطاني بقيادة الجنرال هنري كلينتون والموجود في مدينة نيويورك، وفي 6 يوليو انضمت القوات الفرنسية بقيادة الفريق كوميت دو روتشامبس إلى رجال واشنطن.

كانت واشنطن يعتزم في بداية الأمر استخدام القوات الفرنسية، في محاولة لتحرير مدينة نيويورك، لكنه واجه رفض للفكرة من رجاله وأيضًا من ضباط وروتشامبس، وقد بدأ القائد الفرنسي يدعوه لتوجيه ضربة ضد القوات البريطانية المكشوفة في الجنوب، وقد أيد فكرته هذه بأن الجنرال الفرنسي فرانسوا جوزيف بول دي جراس، يعتزم أن يرسو بأسطوله شمالًا من منطقة البحر الكاريبي وهناك على طول الساحل أهدافًا أسهل من جيش نيويورك.

القتال في فرجينيا

خلال النصف الأول من عام 1781 وسع البريطانيون عملياتهم في فرجينيا، وبدأوا تلك العمليات بوصول قوة صغيرة بقيادة العميد بنديكت أرنولد والتي هبطت في بورتسموث ثم داهمت ريتشموند لاحقًا، وفي مارس أصبح أرنولد جزء من قوة أكبر يقودها اللواء ويليام فيليبس، وأثناء تحركهم هزم فيليبس ميليشيا كانت في بلاندفورد كما حرق مستودعات في بطرسبورغ، ومن أجل مكافحة تحركات فيليبس قام واشنطن بإرسال ماركيز دي لافاييت للإشراف على المقاومة ضد البريطانيين في الجنوب.

وفي 20 مايو وصل الجيش البريطاني بقيادة الفريق اللورد تشارليز كورنواليس إلى بطرسبورغ بعد أن حقق انتصارًا كبيرًا على المقاومة الأمريكية في معركة جيلفورد كوت هاوس بنورث كارولينا في ربيع نفس العام، أمر كلينتون اللورد كورنواليس بالانتقال شمالًا إلى فيرجينيا لأنه اعتقد أن تلك المنطقة ستكون أسهل في الاستيلاء عليها وستقبل الحكم البريطاني بسهولة.

وبعد أن اتحد فيليبس مع كورنواليس وتلقي تعزيزات من نيويورك بدأ الجيش البريطاني بمداهمة فيرجينيا من الداخل، ومع دخول الصيف أمر كورنواليس بالتحرك نحو الساحل وتحصين ميناء المياه العميقة، فزحف إلى يوركتاون وبدأ في بناء دفاعاته ي منطقة كان يرى فيها لافاييت من مسافة أمنة.

الزحف نحو الجنوب

في شهر أغسطس وصلت لواشنطن أنباء من فيرجينيا تفيد بأن جيش كورنواليس معسكر بالقرب من يوركتاون في فيرجينيا، فبدأ واشنطن وروتشامبس في مناقشة خيارات التحرك جنوبًا لعزل جيش كورونواليس.

وكانت فكرة الإغارة على يوركتاون في ذلك الوقت معقولة عند الوضع في الاعتبار أن دي جراس سيحضر أسطوله الفرنسي شمالًا لمنع كورنواليس من الهروب عن طريق البحر، وبعد أن ترك واشنطن قوة في نيويورك لاحتواء تحركات كلينتون، بدأ واشنطن وروتشامبس في نقل 400 جندي فرنسي و 3000 جندي أمريكي جنوبيًا في 19 أغسطس، وحفاظًا على سرية التحركات أمرت واشنطن بعمل سلسلة من الخدع وأرسل رسائل كاذبة تشير إلى أن هناك هجوم وشيك على مدينة نيويورك.

عند وصول واشنطن إلى فيلادلفيا في أوائل سبتمبر عانى من أزمة قصيرة بعدما رفض بعض رجاله مواصلة السير مالم يتم دفع أجر شهر متأخر من رواتبهم، وقد تم حل تلك الأزمة عندما أقرض القائد روتشامبس لواشنطن عملات ذهبية، وأثناء الزحف جنوبًا علم القائدين أن دي جراس قد وصل إلى تشيسابيك وانزل القوات لتعزيز لافاييت، وبعد ذلك تم إرسال وسائل نقل فرنسية شمالًا لنقل الجيش الفرنسي الأمريكي المشترك أسفل الخليج.

معركة تشيسابيك

بعد وصول قوات دي جراس لتشيسابيك اتخذت سفنه موقع الحصار، وفي 5 سبتمبر وصل أسطول بريطاني بقيادة الأدميرال السير توماس جريفز واشتبك مع الفرنسيين، لكن دي جراس نجح في إبعاد البريطانيين عن مصب الخليج عبر معركة تشيسابيك، وفي حين أن المعارك التي تلت ذلك لم تكن حاسمة من الناحية التكتيكية إلا أن دي جراس استمر في إبعاد البريطانيين عن يوركتاون.

في 13 سبتمبر عاد الفرنسيون واستأنفوا حصار، جيش كورنواليس، أخذ جريفز أسطوله البريطاني إلى نيويورك لتجديد وإعداد رحلة إغاثة أكبر، أما جورج واشنطن فعند وصوله إلى ويليامزبرج ، التقى بدي جراس على متن سفينته فيل دي باريس في 17 سبتمبر، وأخذ وعد من الأدميرال بالبقاء في الخليج وأتاح ذلك لواشنطن فرصة التركيز على تنظيم قواته.

عندما وصلت القوات من نيويورك إلى ويليامزبرج بفيرجينيا انضمت إلى قوات لافاييت، واستمرت في مراكبة تحركات الجيش البريطاني بقيادة كورنواليس، ومع تجمع الجيش الفرنسي الأمريكي بدأوا في التحرك نحويوركتاون في 28 سبتمبر، ونشرا القائدان قواتهما على اليمين الأمريكيين وعلى اليسار الفرنسيين، وتم إرسال قوة مشتركة بقياة كومت دي تشوايس عبر نهر يورك لاعتراض موقع البريطانيين في جلوستر بوينت.

معركة يوركتاون

وفي يوركتاون أمر كورنواليس رجاله بالتخلي عن بعض مهماتهم الخارجية حول المدينة والعودة إلى خط التحصينات الرئيسية، وفي ليلة 5 أكتوبر بدأ الأمريكيين والفرنسيين في بناء أول خط لحصار كورنواليس، وبحلول فجر 6 أكتوبر كان هناك خندق طوله 2000 ياردة قد حفر ليقطع الجانب الجنوبي الشرقي من التحصينات البريطانية، وبعد يوميًا قام جورج واشنطن شخصيًا بإطلاق أول رصاصة نحو البريطانيين.

وفي خلال الأيام الثلاثة التالية قصفت المدافع الأمريكية الفرنسية الخطوط البريطانية على مدار الساعة، وبعد أن شعر كورنواليس بانهيار قواته كتب إلى كلينتون في 10 أكتوبر يطلب منه المساعدة.

وقد ازداد الوضع البريطاني سوءًا بعد تفشي مرض الجدري داخل المدينة، وفي ليلة 11 أكتوبر بدأ رجال واشنطن العمل على خط دفاعي ثاني على بعد 250 ياردة فقط من الخطوط البريطانية، لكن التحصينات البريطانية أعاقت اتمامه ووصوله إلى النهر، وكانت هناك قوتين رئيستين بريطانيتين تعيقان العملية، فتم شن هجوم مكثف وحصارهما من عدة جهات.

واصل الفرنسيون والأمريكيين تضييق الخناق ومهاجمة البريطانيين مما جعل موقفهم أسوأ فأرسل كورنواليس لطلب المساعدة مرة أخرى من كلينتون، ووصف وضعه بأنه حرج للغاية، وبعد محاصرة من ثلاثة جهات اضطر كورنواليس أن يهاجم الأمريكيين والفرنسيين في 15 أكتوبر، ونجح في أخذ بعض السجناء وإطلاق بعض النيران، لكنه لم ينجح في اختراق صفوفهم، فاضطر للانسحاب بعد أن ضغطت عليه القوات الفرنسية.

وقد لحقت بعض الأضرار بالجيش الفرنسي لكن تم إصلاحها سريعًا واستمر قصف يوركتاون، وفي 16 أكتوبر قام كورنواليس بنقل 1000 من رجاله والجرحى إلى منطقة جلوستر بوينت وكان يهدف لنقل جيشه بالكامل عبر النهر إلى الشمال، لكن عندما عادت قواربه إلى يوركتاون قامت عاصفة شتتها، فلم يعد كورنواليس على نقل الجيش أو تغيير الرجال، كما لم يعد لديه ذخيرة كافية، لذلك قرر فتح مفاوضات مع جورج واشنطن، وفي تمام الساعة التاسعة من صباح يوم 17 أكتوبر بدأ عازف درامز من الجانب البريطاني بالقرع بينما قام ملازم من الجيش بالتلويح بالعلم الأبيض، وكانت هذه إشارة للهدنة فتوقفت المدافع الفرنسية والأمريكية عن القصف، وعصبت عين الجندي الذي لوح بالعلم واقتيد إلى خطوط الأمريكيين والفرنسيين لتبدأ مفاوضات الاستسلام بعدها.

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby