قصص منوعة

قصة كتاب البخلاء للجاحظ | قصص

ADVERTISEMENT

الجاحظ هو أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، وهو أديب عاش بالبصرة وتوفي تقريبًا في العام 255 للهجرة، وقد لقب بالجاحظ بسبب جحوظ عينيه

وقد اشتهر الجاحظ بكتابه البخلاء والذي جمع فيه مجموعة من نوادر البخلاء في عصره، وكان للجاحظ مؤلفات أخرى منها كتاب الحيوان وأيضًا كتاب اللصوص، وقد ضاع هذا الكتاب فلم يصل منه إلينا أي جزء إلا أن الجاحظ قد أشار إليه في مقدمة كتاب البخلاء ويحكي في هذا الكتاب عن قصص اللصوص وحيلهم.

وقد كان أول من حقق في كتاب البخلاء للجاحظ وراجعه المستشرق فان فلوتن، وهذه النسخة الموجودة بين أيدينا اليوم هي النسخة التي حققها فان فلوتن، وقد بحث خلف الشخصيات التي ذكرها الجاحظ في كتابه، ولا يعرف إذا كانت جميع تلك القصص حقيقية أم أن بعضها من تأليف الكاتب فقد كان خيال الجاحظ من أخصب الأخيلة منذ صغره، وأيضًا كان دقيق الملاحظة.

ويروي الجاحظ في كتابه مجموعة من القصص والنوادر والحكم بصورة بليغة متعة عن البخل والبخلاء حيث أن البخل كان من أكثر الصفات الذميمة عند العرب، ومع ذلك فإن الجاحظ لم يقم بذم من ذكرهم في كتابه، بل كان يعرض أقوالهم بطريقة طريفة وقد مدح معظمهم في جوانب أخرى، وأيضًا كان الجاحظ يرد على حجج البخلاء التي برروا على لسان أشخاص آخرين، وقد ذكر في مقدمة كتابه أنه كتبه ليعرض حجج طريفة أو ليعرف أصحابه حيل لطيفة ليكون كتابه مصدر للضحك.

وتميز كتاب البخلاء بأن الجاحظ استخدم فيه مجموعة من الألفاظ العامية التي كانت شائعة في زمانه ولذلك فإن معاني بعض تلك الكلمات غامضة أو ملتبسة، كما ذكر أسماء مجموعة من البلدان ولذلك يعد موسوعة تاريخية متكاملة.

ومن نوادر الجاحظ في كتابه أن رجلًا من منطقة تسمى مرو كان إذا جائه ضيف وطال جلوسه، يسأله هل تغديت، فإن قال له له نعم، يقول له لولًا أنك تغديت لكنت غديتك بغذاء طيب، وإذا قال له الرجل نعم،  يقول له لولا أنك تغديك لكنك سقيتك خمسة أقداح، فيقوم الضيف من المجلس دون أن يقدم له ل القليل ولا الكثير.

ومن روايات الجاحظ عن شدة بخل أهل مرو أن الديكة في كل العلم كانت تلتقط الحب فتلقي أمام الإناث إلا ديكة مرو فكانوا يأخذون الحب من أمام إناثه، وأن رجلًا من أهلها كان مسافرًا للحج وفي طريقة نزل عند رجلًا من العراق فأكرمه فقال له لو كنت قابلتك في مرو لأكرمتك.

ومرت الأيام وكان للعراقي حاجة في مرو وكان السفر قد أثقله لكن ما هون عليه تعب سفره أن ضيفة القديم يقيم بالمدينةـ فلما دخلها كان يرتدي قلنسوة وعمامة وكساء، فبحث عن صاحبه فوجده يجلس بين أصحابه، فتقدم نحوه وعانقه لكنه أنكره.

فاعتقد العراقي أنه لم يعرف بسبب قناع وجهه فخلعه، فأنكره، فخلع عمامته وسلم عليه مرة أخرى فأنكره، فاستمر في العراقي في خلع كل ما يخفي وجهة، فقال له الرجل البخيل والله لو خرجت من جلدك لم أعرفك.

ويروي الجاحظ أيضًا أن رجلًا يسمى أبو محمد الحزامي أو الحرامي (نسبة لبني حرام) وكان أبخل من برأ الله عز وجل وأيضًا أطيب من خلق الله، وقد وصفه الجاحظ بأنه أطيب الخلق بالرغم من بخله، وأيضًا وصفه الجاحظ بأنه كان حليمًا وكان لون بشرته يميل للحمرة .

وكان الحرامي يعمل كاتبًا وكان من أصحاب أبي نواس وينظم الشعر على مذهب أبو نواس.

ويقول الجاحظ أن الحزامي كان له كلام في مدح البخل وكان يدعو الناس له، وقد رآه مرة وكان برد الشتاء قد أتى مبكرًا فلبس رداء من الصوف الخفيف، فلما رآه الحزامي قال له ما أقبح السرف بالعاقل وأسمج الجهل بالحكيم، ما ظننت أن إهمال النفس وسوء السياسة بلغ بك ما أرى، أي أنه اتهمه بالإسراف وقلة الحكمة.

فقال له الجاحظ وأي شيء أنكرت منا منذ اليوم، حيث أنه كان قابله في اليوم السابق ولم يصفه بتلك الأوصاف، فقال الحزامي لبسك هذا الكساء قبل أوانه.

ولأن شهور الشتاء كانت في بدايتها فقد تعجب الجاحظ لأن آوان لبس الصوف قد اقترب، فرد عليه الحزامي أن عليه ارتداء جبة محشوة بدلًا من الملابس الصوفية المبطنة لأنهم في الشهور التي يكثر فيها الغبار، وسوف يتداخل الغبار في الصوف ويتخلله ويسكنه، فإذا نزل المطر سوف يبتل الغبار وهو لباب تراب مالح، وهذا سيجعل الكساء ينقبض عليه وتنضم أجزاؤه لأنه صوف، فيأكله ويجعله يتمزق بسرعة.

وقد نصحه بأن ينتظر حتى ينزل المطر ويهدأ الغبار ، ثم يرتدي الملابس الصوفية على بركة الله.

وكان الحزامي إذا لبس قميص نظيف أو جديد وأتوه بكل البخور الموجود في الأرض لا يتبخر، لأنه كان يخشى أن يسود دخان العود بياض قميصه، فكان إذا اتسخ قميصه يأتي بدهن فيمسح به صدره وبطنه وإزاره من الداخل ثم يتبخر حتى تعلق رائحة البخور به لفترة طويلة، وكان لا يتبخر إلا في منازل أصحابه، وكان عطره الوحيد مشط من الصندل يستخدمه لتمشيط شعره أو كان ينتظر أن يطيبه صديق له.

وكان الخزامي يفضل الشتاء لأن رائحة البخور تبقى فيه لفترة أطول، ولأن الطعام لا يفسد حتى لو بقي أيامًا.

وقد قال له الجاحظ مرة : رضيت أن يقال عنك، عبدالله بخيل؟ فقال له لا أعدمني الله هذا الاسم، فقال الجاحظ كيف، قال ه: لا يقال فلان بخيل إلا وهو ذو مال، فسلم إلى المال وادعوني بأي اسم شئت.

يروى الجاحظ أن رجلًا يسمى الثوري كان يملك مالًا عظيمًا ولم يكن يشتري من الأرض إلا أكثرها جودة وكثرة الغلة كان يقول دائمًا لأهله كلوا نوى التمر والرطب وعودوا حلوقكم تسويغه، فإن النوى يعقد شحم في البطن ويدفيء الكليتين بهذا الشحم، وافعلوا ذلك بجميع ما يعتلف به.

وكان يقول لهم كلوا البقول بقشرها فإن البقلي يقول من أكلني بقشوري فقد أكلني ومن أكلني بغير قشوي فأنا الذي آكله.

ويقول الجاحظ أنه لم يره قط إلا وهو يحمل نعله في يده أو يلبس نعلًا مقطوع العقب.

وكان الثوري يجالس البخلاء دائمًا ومن بينهم عبدالرحمن، وكان عبدالرحمن رجلًا بخيل يحرص على البخل ويدعو الناس له، وكان لا يأكل اللحم إلا يوم الأضحى، وكان ينصح ابنه بعدم الإنفاق قائلًا له :” يا بني إن إنفاق القراريط يفتح عليك أبواب الدوانيق وإنفاق الدوانيق يفتح عليك أبواب الدراهم وإنفاق الدراهم يفتح عليك أبواب الدنانير، وإنفاق العشرات يفتح عليك أبواب المئات، والمئات تفتح عليك أبواب الألوف حتى يأتي ذلك على الفرع والأصل “.

ومن بين العبارات التي أوردها الجاحظ في كتابه على لسان بن غزوان ولم يعرف بالتحديد من هو لكن من عباراته التي استخدمها البخلاء ” لا تنفق درهمًا حتى تراه، ولا تثق بشكر من تعطيه حتى تمنعه فالصابر هو الذي يشكر والجازع هو الذي يكفر”

ومن بين القصص الطريفة التي أشار إليها الجاحظ في كتابه حيل بعض اللصوص فقد جمع مجموعة من الخدع اللطيفة التي كان اللصوص يستخدمونها للاحتيال والسرقة سواء بالليل أو النهار، وكما ذكرنا فإنه قد فصل تلك القصص في كتاب خاص لكنه ضاع.

ومن بين ما أشار إليه الجاحظ من حيل اللصوص أنهم كانوا ينتظرون الرجل الذي يحمل كيس نقود، حتى يخالط النوم عينيه فتتراخى يديه ويسقط كيس النقود، فكان اللص إذا رأى إنسان يتثاءب يجلس بجواره ويتثائب وينعس حتى يشجعه على النوم، فيقوم بسرقته.

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby