قصص منوعة

قصة فزع مذنب هالي | قصص

ADVERTISEMENT

مذنب هالي هو مذنب ذو دورة قصيرة  يدور بشكل روتيني حول الأرض ويمكن رؤية مروره من الأرض كل ستة وسبعين تقريبًا، وقد سمي كذلك باسم العالم إدموند هالي والذي حسب وقت مرور  هذا الجرم السماوي بالأرض ، وعلى مر العصور كان المذنب يمر بالأرض دون حدوث أي أضرار لكن شهد موعد مرور منذنب هالي بالأرض عام 1910م أحداث مختلفة لاقى هذا الحدث اهتمام كبير، وعرفت الأحداث التي رافقت تلك الدورة باسم فزع مذنب هالي.

مع اقتراب موعد مرور المذنب تم الترويج لهذا الحدث باعتباره حدث تاريخي هام، وارتفعت مبيعات التلسكوبات حتى أن بعض الفنادق وأصحاب المباني المرتفعة قدموا العروض للراغبين في متابعة الحدث، بحيث يمكنهم دفع مبالغ مقابل التجمع على أسطحها لمشاهدة مرور المذنب.

وبالرغم من ذلك، لم يكن الجميع مسرورًا بظهور المذنب، حيث اعتقد الكثيرون أن النجم الهائل سينهي الحياة على كوكب الأرض بالكامل، لكن تلك الفكرة لم تأتي من فراغ لكنها انتشرت بسب ادعاء كاميل فلاماريون ، عالم الفلك الفرنسي الذي اعتقد أن ذيل المذنب البالغ طوله 24 مليون ميل يحتوي على غاز السيانوجين السام الذي “من شأنه أن يمتص الغلاف الجوي للأرض وربما يطفئ كل أشكال الحياة على الكوكب”.

لسوء الحظ ، قامت صحيفة نيويورك تايمز بعمل مقال عن نظرية فلاماريون المروعة وقد أثار ذلك ذعر شديد بين الجماهير، فقد كتبت الصحيفة نصٍا” السيانوجين سم قاتل للغاية، بحيث إذا لامست حبة صغيرة منه اللسان تكون كافية للتسبب في الموت الفوري”.

وبالطبع فإن الصحيفة ذكرت أن معظم علماء الفلك لا يتفقون مع هذا الرأي لكن هذا التلميح لم يلقى اهتمامًا خاصة وقد  شجع ذلك بعض الصحف الصفراء التي تريد زيادة مبيعاتها على الانخراط في القصة، وقد كتبت بعض الصحف ” سيتسبب مرور المذنب في تغيير المحيط الهادئ لأحواضه مع المحيط الأطلسي” وتحويل العالم إلى “كتلة واحدة غير متجانسة من الارتباك الفوضوي” وبالطبع فقد أثار ذلك الرعب في نفوس القراء.

وقد بدأ السجال بين العلماء للرد على ادعاءات الفرنسي، وكان من بين أصحاب المخالف لرأي كاميل فلاماريون بيرسيفال لويل ، الذي أشار إلى أن الغاز “مخلخ جدًا بحيث يكون أرق من أي فراغ” ، وبالتالي لا يمكن يشكل أي تهديد، كما تدخل روبرت بول ، مدير مرصد كامبريدج ، الذي أشار إلى أن عالم فلك مشهور آخر هو جون هيرشل ، يعتقد أن “المذنب بأكمله يمكن أن يُحشر في حامل حقيبة”، وفي الواقع فقد اتضح أن هذا الرأي غير صحيح أيضًا وأن تلك العبارة أتت كرد ساخر من هيرشل على أحد الصحفيين الذي سأله على يمكن حمل هذا المذنب في حقيبة واتضح أن المذنب في الواقع يبلغ طوله 9 أميال، وردت صحيفة نيويورك تايمز على هذا الجدل مرة أخرى بالسخرية من كلمة حامل حقيبة التي استخدمها هرشل.

كما كتبت الصحيفة في مقال الرد ” إذا قال السير جون هيرشل حقًا إن هذا المذنب يمكن أن يحمل في حقيبة فقد كان يتحدث عن هراء، وسيكون المذنب مرئيًا قريبًا ، وهناك الكثير من الحقائب، لكن من سيتولى التعبئة؟ لا نعتقد أن المذنب يمكن أن يوضع في حقيبة “.

وهكذا استمر جدل هالي في الصحف لكن على الأرض كان الوضع يزداد سوءًا، فبالإضافة إلى التلسكوبات التي اختفت  ، بدأ الناس في نهب المتاجر بحثًا عن الأقنعة الواقية من الغازات لحمايتهم من التسمم، وقد استغل بعض المحتالون تلك المناسبة لربح الكثير من المال عن طريق بيع “حبوب مضادة للمذنبات”، للحماية من التسمم الذي سيحدث في الغلاف الجوي بفعل مرور المذنب وقد ادعت بعض العلامات التي روجت لتلك الحبوب أنها ستكون بمثابة إكسير للهروب من غضب السماء، وقد كانت تلك الحبوب تباع بمجرد تصنيعها.

كما تم القبض على بعض المحتالين في تكساس كانوا يبيعون حبوب مصنوعة من السكر على أنها حبوب مضادة للمذنبات، لكن الشرطة اضطرت للإفراج عنهم بعد أن تجمع زبائنهم وطالبوا بإطلاق سراحهم

كما امتلأت الكنائس عن أخرها بالرعايا القلقين من نهاية العالم، كما ذكرت الصحف أن راعي كنيسة في ولاية واشنطن أصيب بالجنون بسبب القلق بشأن المذنب ، بينما في كاليفورنيا قام رجل بتسمير قدميه ويده على الصليب ، وعلى الرغم من معاناته ، ناشد رجال الإنقاذ السماح له بالبقاء هناك وعدم إنزاله من على الصليب.

ووفقًا للكاتب العلمي مات سايمون ، قام الناس بالفعل بإغلاق ثقوب المفاتيح الخاصة بهم لإبعاد السموم عن منازلهم.

وبالطبع كان هناك أناس آخرين سعداء بهذا الحدث وكانوا ينتظرون مشاهدة تلك اللحظة التاريخية عبر التلسكوبات والاستمتاع بها.

وأخيرًا عندما مر المذنب أخيرًا، ثبت أن الأقنعة الواقية من الغازات لا قيمة لها تمامًا ، حيث لم يكن هناك سم بالتأكيد، ولم يكن للمذنب تأثير يذكر سوى أنه جعل غروب الشمس في يوم مروره أكثر توهجًا وإضاءة، وقد استمتع من شاهدوا مروره بذلك.

ومع ذلك ظل أصحاب نظرية نهاية العالم في البحث، وقد تزامن مرور المذنب  بجانب الأرض مع وفاة الملك إدوارد السابع ملك إنجلترا، وبالطبع ألقى هؤلاء اللوم على المذنب في وفاة الملك.

ومن المثير للاهتمام أن الكاتب مارك توين توفي أيضًا عندما حلّق مذنب هالي في سماء كوكب الأرض، وهذا غريب للغاية بالنظر إلى أن الكاتب قد ولد في نفس العام الذي مر به المذنب بالأرض عام 1835م.

وقد مر المذنب مرة أخرى بكوكب الأرض بعد ذلك عام1986  م وسيكون الظهور التالي له في 28 يوليو 2061م ، لكن بالطبع رعب هالي لم يحدث في المرة التالية وقد استطاعت وكالة ناسا إرسال مجسمات فضائية غير مأهولة للتحليق بالقرب من المذنب وتصويره عن قرب وإرسال الصور للأرض لدراستها.

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby