قصص اسلامية

قصة فتح الحيرة | قصص

ADVERTISEMENT

كانت مدينة الحيرة واحدة من المدن العريقة في العراق ، حيث أنها تقع على نهر الفرات كما اتصفت بكونها المدينة الأكبر في جنوب العراق ، وكانت حلمًا يراود المسلمين ، وذلك لكونها مدينة مميزة ذات مركز خاص فهي على الحدود التي تقترب من الشام ، كما أن نهر الفرات التي تطل عليه يُعتبر مركزًا رئيسيًا للسفن التجارية من مختلف البلدان .

كانت الحيرة تقع تحت حكم الفرس حيث أنها كانت موالية لهم منذ زمن طويل ، وبذلك تُعتبر الحيرة مدينة عظيمة وقديمة عند الفرس ، وهو ما جعل أبو بكر الصديق يختار الحيرة لتكون مقرًا لملتقى الجيشين .

جيش خالد بن الوليد في الحيرة :
وصل جيش خالد بن الوليد إلى الحيرة ، وهو جيش مكون من ثمانية عشر ألف مقاتل ، وهناك وجدوا أربعة حصون وهم : الحصن الأول وهو ما يعرف باسم القصر الأبيض وكان يسكنه رجل نصراني يُدعى إياس بن قبيصة .

أما الحصن الثاني فكان معروف باسم قصر الغريين وكان يسكنه النصراني عدي بن عدي المقتول ، والحصن الثالث عُرف باسم حصن بن مازن وكان النصراني حيرى بن أكان هو الذي يسكنه ، وعُرف الحصن الرابع باسم حصن بن بقيلة والذي كان يسكنه عمرو بن عبد المسيح والذي كان أكبر الأمراء سنًا .

كانت تتميز تلك الحصون بقوتها وشدتها وكان سكانها يستطيعون المكوث بها لأيام أو شهور دون أن يحتاجون إلى الخروج لأي سبب ، وحينما وصل خالد بن الوليد إلى الحيرة ؛ وجد أن كل أهل الحيرة قد تحصنوا داخل تلك الحصون الأربعة ، وذلك بعد أن تركهم الأمير الفارسي الذي كان يحكم المدينة والمعروف باسم “أزادبة” ؛ حيث أنه قد انصرف بجيشه إلى المدائن .

اتخذ خالد بن الوليد قاعدة لنفسه بعيدة عن تلك الحصون ، ثم قام بإرسال مجموعة من أمهر القادة كي يقوموا بحصار الحصون ، فتقدمت الجيوش الأربعة وعلى رأسهم القادة باتجاه الحصون ، وقد قام خالد بن الوليد بإرسال رسالة إلى ساكني تلك القصور الأربعة ؛ حيث دعاهم للدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو القتال ، ثم ترك لهم مهلة لمدة يوم .

مرت المهلة دون رد حاسم فقامت الجيوش الإسلامية برمي تلك القصور بالنبال والأسهم ، ثم سمعوا أصوات من داخل القصور تقول : عليكم بالخزازيف ، وكانت هذه الكلمة غريبة على مسامع المسلمين ، فابتعدوا عن مرمى سكان القصور .

وبدت الخزازيف حينما ظهرت على أنها مقاليع ضخمة تقوم بقذف كرات من الخزف ، وقد تم صناعة هذه الكرات من الطين حيث أُوقدت عليها النار إلى الدرجة التي جعلتها خزفًا فكانت تشبه الأحجار الضخمة أو القنابل ، وكان يتم قذفها بالمقاليع على جيوش المسلمين ، غير أنها لم تصبهم لأنهم ابتعدوا عن القصور .

وقد تميزت قوة الرمي عند المسلمين بأنها كانت الأعظم والأقوى ؛ حيث أن سهامهم كانت تخترق القصور فكانت تصيب أي شخص تقابله بالداخل ، فلم تكن تفرق بين مقاتل أو راهب ، وذلك لقوتها أثناء دخولها واختراقها المكان .

استسلام أهل الحصون :
ازدادت الإصابات بين أهل القصور ، فخرج الرهبان من صوامعهم قائلين : يا أهل القصور والله ما يقتلنا إلا أنتم ؛ فليس لكم إلا الاستسلام ، فاجتمع أهل القصور الأربعة وبالفعل قرروا الاستسلام ، وكان أول المستسلمين هو أكبرهم سنًا وهو عمرو بن عبد المسيح .

قام بن عبد المسيح بإرسال رسالة إلى خالد بن الوليد والتي بمقتضاها أعلن رغبته في التفاوض من أجل دفع الجزية ، ثم خرج من كل قصر أميره ليذهبوا للتفاوض مع خالد بن الوليد ، والذي قال لهم : ماذا تريدون؟ ، فقالوا : ما لنا بحربكم من حاجة ولكن ندفع الجزية ، حينها قال بن الوليد : والله إن الكفر لفلاة مُضلة (أي مثل الصحراء الواسعة التي يضل فيها السائر) ؛ فعجبًا لكم كيف تُستذلون بأعجمي وتتركون العربي!.

كان خالد بن الوليد حزينًا على عدم إسلامهم ، ووافق على دفع الجزية ، وقام بتقديرها وفرضها عليهم بعد أن قام بإخراج المسنين منهم ، وقد بلغت الجزية مائة وتسعين ألف درهم في العام وعُرف ذلك باسم صلح الحيرة .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby