قصص عالمية

قصة رواية اليد | قصص

ADVERTISEMENT

تعد رواية اليد واحدة من كتابات الروائي الفرنسي الشهير غاي دو موباسان ، والذي اشتهر بكتابة القصص الصغيرة ، وتندرج رواية اليد تحت الطابع البوليسي الذي يجعل القارئ يغوص معه في بحر من التخمينات والتساؤلات .

نبذة عن الكاتب :
هو غي دو موباسان Guy de Maupassant ، واسمه الفعلي هنري رن ألبرت غاي دي موباسان ، ولد في 5 أغسطس 1850م وتوفي في 6 يوليو 1892م ، ويعد دي موباسان مؤلفًا فرنسيًا مشهورًا حيث يعتبر واحدًا من آباء القصة القصيرة الحديثة فضلًا عن كونه واحدًا من أرقى ممارسيها ، ومن أشهر أعماله the nevcklace والآنسة فيفي ، و العثور علي رجل غارق ، وقطعة مرعبة حقًا من الخيال القوطي واليد .

قصة الرواية :
جميعهم كانوا يتجادلون حول القاضية مدام برموتير ، التي كانت تدلي بشهادتها حول لغز سان كلو ، فلمدة شهر كانت هذه الجريمة التي لا يمكن تفسيرها هي حديث باريس ولا يمكن لأحد أن يفسرها أبدا .

كانت برموتير تقف وظهرها إلى الموقد تتحدث مستشهدةً بالأدلة وتناقش مختلف النظريات ، لكنها لم تصل إلى أي نتيجة وكانت بعض النساء قد وقفوا من أجل الاقتراب منها ، وبينما كانت تتحدث كانوا هم يقفون بأعينهم مثبتة عليها ، وهي تقول مثل هذه الأشياء الغريبة .

أما هم فكانوا يرتجفون ويتحركون بسبب الخوف والفضول والرغبة والشغف الرهيب ، الذي يملأ روح كل امرأة وقالت إحداهما ، وهي شاحبة الوجه أكثر من الآخرين ، أثناء وقوفها: “إنه أمر فظيع ، إن هذا الأمر خارق وبهذا فالحقيقة لن تكون معروفة أبدًا .”

هنا التفت إليها القاضي وقال لها : صحيح يا سيدتي ، من المرجح ألا يتم اكتشاف الحقائق الفعلية ، أما بالنسبة إلى كلمة خارق للطبيعة ” التي استخدمتها للتو ، فلا علاقة لها بالمسألة فنحن في حضور فكرة استخدمت بذكاء للغاية في تنفيذ الجريمة ، و لا يمكننا فصلها عن الظروف المحيطة التي تحيط بها .

ولكن بمجرد أن أكون مسؤولاً عن علاقة يبدو فيها أن أمرًا خارقًا يلعب دورًا في الحقيقة ، فهنا ستصبح القضية مشوشة جدًا ويجب التخلي عنها ، فصاحت العديد من النساء في وقت واحد: “أوه! أخبرنا عن ذلك ”

هنا ابتسمت مدام برموتير بطريقة ودوده كما ينبغي على القاضية ، واستمرت في حديثها قائلة ، وفيما يلي الحقائق : “كنت في ذلك الوقت قاضية في أجاكسيو ، وهي مدينة بيضاء صغيرة على حافة خليج تحيط به الجبال العالية .

غالبية القضايا التي طرحت أمامي كانت تتعلق بالثأر ، هناك بعض الأشياء الرائعة والدرامية والشريرة والبطولية التي قابلتني ، فمثلًا كان هناك أفضل الأسباب للانتقام والتي يمكن للمرء أن يحلم بها ، مثل عداوات مئات السنين والتي رغم الوقت لم تنطفئ أبداً ؛ بسبب الخطابات البغيضة ، وعمليات القتل التي وصلت لحد المجازر .

لمدة عامين لم أسمع سوى ثمن الدم ، فقد رأيت رجالًا مسنين وأطفالًا وأبناء عمومة قتلوا ؛ رأسي كان مليئًا بهذه القصص الدموية ، وفي أحد الأيام علمت أن رجلاً انكليزيًا قد استأجر فيلا صغيرة في نهاية الخليج لعدة سنوات ، وقد أحضر معه خادمًا فرنسيًا .

وسرعان ما أثار هذا الشخص الغريب ، الذي يعيش بمفرده ويذهب إلى الصيد اهتمامًا واسعًا ، فهو لم يتحدث أبدًا لأحد ، ولم يذهب إلى المدينة مطلقًا ، وكان يمارس كل صباح لمدة ساعة تقريبًا هوايته المفضلة مع مسدسه وبندقيته .

وبُنيت الأساطير من حوله حتى قيل إنه كان شخصًا أرستقراطيًا فارًا من وطنه لأسباب سياسية ، ثم تم التأكيد على أنه كان مختبئًا بعد ارتكابه جريمة بغيضة ، حتى أنه تم ذكر بعض الأحداث اللفظية عنه .

وفي وضعي القضائي اعتقدت أنه من الضروري الحصول على بعض المعلومات عن هذا الرجل ، لكن كان من المستحيل معرفة أي شيء عنه ، فقد أطلق على نفسه اسم السير جون رويل ، وحاولت مشاهدته عن كثب قدر استطاعتي ، لكنني لم أرى منه أي شيء مشبوهًا بشأن تصرفاته .

ومع ذلك وبينما كانت الشائعات تتزايد حوله وأصبحت أكثر انتشارًا ، قررت أن أحاول رؤية هذا الشخص الغريب بنفسي ، وبدأت في مطاردته بانتظام في الحي وبالقرب من أراضيه ، لقد راقبته لفترة طويلة دون أن أجد شيء غريب عنه وفي النهاية جاء إليّ الحل بشكل غريب .

لقد أطلق النار على طائر فوقي وكلبه أتى مسرعًا و أخذ الطائر ، وذهب في الحال إلى السير جون رويل ، و هنا اعتذر السير جون عما حدث وطلب مني العفو ، لقد كان رجلاً كبيرًا ذو شعر أحمر ولحية ، وكان طويل القامة ضخم جدًا يشبه في بنيته هرقل ، وبدا من أسلوبه أنه مهذب وهادئ .

لم يكن لديه أي شيء مما يسمى الصلابة البريطانية ، وبلهجة إنجليزية واسعة شكرني بحرارة ، وبنهاية الشهر كان لدينا خمس أو ست محادثات معًا ، وفي إحدى الليالي وفي نهاية المطاف عندما كنت أمشي أمام بابه ، رأيته في الحديقة جالسًا على مقعد ، يدخن سيجارة وحينما رأني انحنى ودعاني إلى الحضور ، وتناول كأسًا من البيرة وبالطبع لم أكن بحاجة إلى إلحاح .

استقبلني السير جون بأجمل اللمسات الإنجليزية ، وتغنّى بفرنسا وكورسيكا وأعلن أنه كان مغرمًا بهذا البلد ، وبعد ذلك وبحذر شديد سألته بعض الأسئلة حول حياته وخططه ، فأجاب دون حرج ، وقال لي أنه سافر كثيرًا في أفريقيا وفي جزر الهند ، وأمريكا ، واتسعت ابتسامته وهو يضحك ويقول :”لقد كان لدي العديد من المغامرات هناك .”

ثم حول الحديث عن الصيد وأعطاني أكثر تفاصيل غريبة عن صيد فرس النهر ، والنمر والفيل وحتى الغوريلا ، فقلت له : هل كل هذه الحيوانات خطرة ؟ فابتسم وقال : أوه لا الرجل هو الأسوأ ، ثم ضحك ضحكة كبيرة وهو يقول : لقد كنت أيضًا في كثير من الأحيان أصطاد الرجال .

ثم بدأ في الحديث عن الأسلحة ، ودعاني إلى الحضور لرؤية مختلف أنواع الأسلحة التي لديه ، وبالفعل دخلت وشاهدت طائرًا جناحه ملفوف بالحرير الأسود المطرز بالذهب ، وكانت هناك زهور صفراء كبيرة رائعة كالنار ، فقال لي : إنها يابانية ، لكن في وسط تلك اللوحة من الأشياء الغريبة جذب انتباهي شيئًا غريبًا .

لقد برز جسم أسود على مربع من الجرانيت الأحمر ، فصعدت إليه لأشاهد ما هو ! كانت يدًا ، يد بشرية ولم تكن اليد البيضاء النظيفة التي يملكها أي شخص على قيد الحياة ، لقد كانت هيكل عظمي ، على شكل يد سوداء مجففة ، مثبته بمسامير صفراء وكان هناك أثار دم قديمة على العظام ، والتي يبدو كما لو كانت قد قطعت بفأس بالقرب من منتصف الساعد .

وحول الرسغ كانت هناك سلسلة حديدية ضخمة ، مُثبتة ومُلْحمة إلى هذا العضو المقطوع ، لقد ثَبّتْه على الحائط بحلقة قوية ، تلك الحلقة كانت كفاية لتثبيت فيل ، فتعجبت من المنظر وسألته ما هذا ؟ فأجاب السير الإنجليزي بهدوء : هذا أفضل عدو لي إنه من أمريكا أيضًا ، لقد قطعت العظام بالسيف وقطعت الجلد بحجر حاد وتركته يجف في الشمس لمدة أسبوع .

لقد اقتربت ولمست هذه البقايا البشرية ، التي كان يجب أن تكون تابعة لعملاق ، فقد كانت الأصابع الطويلة غير المألوفة مرتبطة بالأوتار الهائلة التي كانت لا تزال تحتوي على قطع من الجلد معلقة عليها في بعض الأماكن .

كانت هذه اليد رهيبة جدًا ؛ فقد جعلت المرء يفكر في بعض الهمجيين العمالقة ، وهنا قلت له : هذا الرجل يجب أن يكون قويًا جدًا ، فأجاب الإنجليزي بهدوء : نعم ، لكنني كنت أقوى منه ، وقد وضعت عليه هذه السلسلة لتثبيته .

اعتقدت في البداية أنه كان يمزح وقلت له هذه السلسلة غير مجدية الآن ، لن تهرب اليد فأجاب السير جون رويل بجدية : إنها دائمًا تريد أن تذهب بعيدًا ، بالطبع هناك حاجة إلى هذه السلسلة ، فنظرت إليه بسرعة وتأملت وجهه ، وسألت نفسي: هل هو رجل مجنون أم هو رجل عملي ؟

لكن وجهه بقى غامضًا وهادئًا ووديًا ، فالتفت إلى مواضيع أخرى ونظرت لبعض البنادق ، ولكني لاحظت أنه احتفظ بثلاثة مسدسات مجهزه في الغرفة ، كما لو كان لديه خوف باستمرار من بعض الهجمات ، ثم بعد ذلك كانت لنا عدة مكالمات ولكني لم أعد أذهب إلى بيته بعد تلك الزيارة .

لقد مرت سنة كاملة وفي صباح أحد الأيام ، وفي أواخر نوفمبر أيقظني خادمي وأعلن أن السير جون رويل قد قُتل أثناء الليل ، وبعد نصف ساعة فقط دخلت منزل الرجل الإنجليزي ، مع مفوض الشرطة وقائد قوات الدرك ، وكان الخادم الفرنسي يبكي أمام الباب ، في البداية كنت أشك في هذا الرجل ، لكنه كان بريئًا .

لم يكن أبدًا من السهل العثور على الطرف المذنب ، وعند دخول قاعة السير جون ، لاحظت أن الجثة ممتدة على ظهرها في منتصف الغرفة ، كانت سترته قد تمزقت وتم سحب جاكيته ، وكل شيء كان يشير إلى صراع عنيف ، وقد كان الرجل الإنجليزي مخنوق !

لقد كان وجهه أسود و منتفخ وخائف ، وبدا أنه يعبر عن خوف رهيب وكان يحتفظ بشيء بين أسنانه وعنقه ، كانوا مثقوب بخمسة أو ستة ثقوب تبدو كما لو كانت مصنوعة بواسطة بعض الآلات الحديدية ، وكانت جثته مغطاة بالدم ، لقد انضم إلينا الطبيب الشرعي وفحص علامات الأصابع على الرقبة لفترة طويلة ، ثم قام بإصدار هذا الإعلان الغريب .

يبدو كما لو أنه خنق بواسطة هيكل عظمي ، وعلى ما يبدو أن رعشة سرت في ظهري حينها ، خاصة بعد أن نظرت إلى المكان الذي رأيت فيه اليد المرعبة لأول نرة ، فلم تعد هناك وهذه السلسلة التي كانت تقيده كانت تتدلى مكسورة .

وهنا نظرت إلي الرجل الميت ، وفي فمه الدامي وجدت واحدة من أصابع هذه اليد المختفية مقطوعة ، أو بالأحرى مبتورة من الأسنان إلى أسفل ناحية المفصل الثاني ، ثم بدأ التحقيق كان لا يمكن اكتشاف أي شيء ، فلم يتم كسر أي باب أو نافذة أو قطعة من الأثاث ولم يتم إيقاظ كلب المراقبة حتى .

وهنا في بضع شهادات للخادم كان يقول : “لمدة شهر بدا سيده متحمس ولقد تلقى العديد من الرسائل ، والتي كان يطلع عليها على الفور ، وفي كثير من الأحيان في نوبة من العاطفة التي اقتربت من الجنون ، كان قد أخذ مفتاحًا وضرب بشدة هذه اليد المجففة المنثورة إلى الحائط ، والتي اختفت ولا أحد يعرف كيف وفي ساعة الجريمة ذاتها .

كما كان يذهب للنوم في وقت متأخر جدًا ويغلق على نفسه بحذر ، وكان دائمًا يحفظ أسلحة في متناول يده ، وغالبًا ما كان يتحدث في الليل بصوت عالٍ ، وكأنه كان يتشاجر مع شخص ما ، وفي تلك الليلة و بطريقة ما لم يسمع له أي ضجيج ، لقد نقلت ما أعرفه عن القتيل إلى القضاة والمسئولين الحكوميين .

وقد تم إجراء تحقيق دقيق في جميع أنحاء الجزيرة ، لكن لم يتم العثور على شيء ، وفي إحدى الليالي بعد حوالي ثلاثة أشهر من الجريمة ، كان لدي كابوس فظيع حيث بدا لي أنني أرى تلك اليد الرهيبة وهي تدور على ستائري وجدراني مثل العقرب أو العنكبوت الهائل ، لقد استيقظت ثلاث مرات ، ثلاث مرات ذهبت للنوم مرة أخرى ، ثلاث مرات رأيت الجسم البشع يسير حول غرفتي ويحرك أصابعه .

وفي اليوم التالي ذهبت إلى مقبرة السير جون رويل ، الذي دفن هناك لأننا لم نتمكن من العثور على أي أدلة هذه قصتي و لا أعرف شيئًا أكثر من ذلك ، كانت النساء وجوههم شاحبة ويرتعدن ثم صاحت إحداهم :”لكن هذا ليس الذروة ولا التفسير! لن نكون قادرين على النوم ما لم تعطينا رأيك حول ما حدث .”

ابتسم القاضي بشدة: وقال “يا سيدتي ، سأدلي بالتأكيد بالتفسير لأحلامك الرهيبة. أنا ببساطة أعتقد أن صاحب اليد لم يكن ميتًا ، وأنه جاء للحصول عليه مع أحد رفاقه المتبقين لكنني لا أعرف كيف ، لقد كان هذا نوعًا ما من الثأر ، أخذت واحدة من النساء تتذمر وهي تقول : “لا ، لا يمكن أن يكون الأمر كذلك ، كان القاضي لا يزال مبتسمًا عندما قال: ألم أقل لك أن شرحي لن يرضيك ؟ وهكذا ظل الأمر غامضًا ولم تعرف الحقيقة التي ظلت غامضة .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby