قصص حروب

قصة حصار عكا والحرب الصليبية الثالثة

ADVERTISEMENT

ما إن اجتمعت الفلول الصليبية المنهزمة ، في مدينة صور حتى أغراها اجتماعها وكثرتها على نقض العهد الذي أعطته لصلاح الدين الأيوبي ، لهذا توجه الصليبيون إلى مدينة عكا وناصبوها الحصار ، اعتمادًا على قوتهم المجتمعة وعلى الإمدادات التي ترد إليهم من أوروبا .

وحصار عكا كان له دوي هائل ، في التاريخ نظرًا لطوله الزمني ، حيث استمر عامين ونظرًا لضروب الشجاعة والقوة والبسالة والإقدام ، التي أبداها كل المتحاربين سواء من المسلمين أو حتى ، من جانب الصليبيين .

سارت الجيوش إلى عكا في 8 رجب 585هـ – 1189م ، ووصلتها في منتصف الشهر ، وكانت هذه الجيوش تساير الساحل ، ترافقها المراكب البحرية ، وما إن وصل الصليبيون عكا حتى حاصروها برًا وبحرًا ، ثم وصلت الجيوش الإسلامية ، وحاصرت القوات الصليبية من ناحية البحر .

ونصب صلاح الدين الأيوبي خيمته على تل كيسان ، واستمرت المناوشات والمعارك ، وكان الأمر يشتد ويزداد كل يوم وساعة ، فصلاح الدين بعث النفير إلى أطراف مملكته ، والصليبيون تتوارد عليهم الإمدادات من أوروبا ، التي ضجت لنبأ استيلاء صلاح الدين على بيت المقدس .

الحرب الصليبية الثالثة :
وبينما كان الصليبيون يحاصرون مدينة عكا ، كانت ممالك أوروبا تستعد لحرب صليبية ثالثة ، إثر الانتصارات الباهرة التي سجلها صلاح الدين الأيوبي ، ضد الإمارات الصليبية واستعادته لبيت المقدس ، وقد امتازت الحرب الصليبية الثالثة ، بأن كان على رأسها أعظم ملوك أوروبا في ذلك الزمان وهم ؛ إمبراطور ألمانيا فريديك بربروس ، وملك فرنسا فيليب أوغسطس ، وملك الانجليز رتشارد قلب الأسد .

مصير الحملة الألمانية :
سار الإمبراطور الألماني في جيش لجب يشمل نحو مائة ألف محارب ، مخترقًا بلاد المجر في اتجاه القسطنطينية ، وأفزع هذا الجيش الإمبراطورية البيزنطية ، فلم يجد الألمان مساعدة ولا استبشارًا من البيزنطيين ، وبلغ الأمر الإمبراطور البيزنطي أن أخطر صلاح الدين الأيوبي ، بمجيء الجيش الألماني ، وأعلمه أنه سوف لا يمدهم بأية إعانة وعبرت الجيوش الألمانية إلى آسيا الصغرى ، مقتفية خطى الصليبية الأولى ، واعترضنهم قوات سلاجقة قونية ، ولكنها لم تستطع صدّهم عن متابعة السير .

ولما وصلوا أرمينية وجدوا من الأرمن خير مساعد ، إلا أن غرق الإمبراطور الألماني ، ومات بنهر سالف في جبال أرمينية جعل هذا الجيش في تشتت واضطراب ، ورجع أغلبه إلى ألمانيا ، أما بقية الجيش فامتطوا السفن إلى عكا بقيادة فريدريك دوسواب ، ولكنه مات في الطريق مثل والده ، فلم يصل إلى عكا سوى عدد قليل من الجنود .

الحملتان الفرنسية والانجليزية :
التقى الانجليز والفرنسيون في صقلية ، وأقاموا فيها مدة طويلة بينما الصليبيون في عكا ينتظرونهم بفارغ صبر ، ولم يكن الملكان الانجليزي والفرنسي على وفاق تام ، فبارح الفرنسيون صقلية في آخر مارس 1191م ، بينما بارحها الانجليز بعدهم بعشرة أيام .

ووصل الفرنسيون إلى عكا في 20 إبريل ، فأضافوا للصليبيين بعكا قوة أخرى وشدوا أزرهم ، أما ملك الانجليز قلب الأسد ، فقد ألقت عاصفة بأسطوله على جزيرة قبرص ، التي كانت تابعة للإمبراطورية البيزنطية ، فما كان من قلب الأسد ، إلا محاربة البيزنطيين والاستيلاء على قبرص والاستقرار بها لفترة من الوقت ، ثم أبحر إلى عكا بعد أن استنجد به ملك بيت المقدس ، الذي أطلقه صلاح الدين من الأسر .

انتهاء مقاومة عكا واحتلال الصليبيين لها :
ازداد الصليبيون قوة بمجيء قلب الأسد ، ورغم المحاولات العديدة التي بذلها صلاح الدين الأيوبي ، لفك حصار عكا ، إلا أن كل المحاولات لم تجد نفعًا ، واضطر المحصورون للاستسلام بعد أن تيقنوا باستحالة نجدتهم وفك الحصار عنهم .

وفي ظهر يوم السابع عشر من جمادى الثاني عام 1191م ، ارتفعت أعلام الصليبيين على أسوار عكا معلنة احتلالها واستسلامها ، ففوجئ المسلمون وارتاعوا واستبشر الصليبيون وصاحوا .

الخلاف لدى القادة الصليبيين ورجيل الفرنسيين :
لم يكن الاتفاق سائدًا بين القادة الصليبيين ، وكان الخلاف أشد بين ملك بيت المقدس وبين المركيز صاحب مدينة صور ، وقد كان ملك الانجليز يميل إلى ملك بيت المقدس ، بينما ملك فرنسا هواه مع المركيز صاحب صور ، الطامع في تاج مملكة بيت المقدس ، وحالما انتصر الصليبيين في عكا عادت الخلافات إلى الظهور بينهم ، وانتهت باتفاق يتضمن استمرار ملك بيت المقدس حاملاً للتاج مدة حياته ، وبعد موته يتولاه المركيز كونراد .

وبادر الملك الفرنسي بالرحيل إلى بلاده ، أما قلب الأسد انتشى بهذا الانتصار ، وأخذ يهاجم القوات الإسلامية محاولاً تفكيك بيت المقدس من يد صلاح الدين ، فدارت بينهما معارك كثيرة ، كان أشهرها معركة أرسوف في سبتمبر عام 1191م ، والتي انتصر فيها الصليبيون واعتبروها أخذًا بثأر معركة حطين .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby