قصص تاريخية

قصة بطولية تتجسد فيها معاني الانتماء الوطني

ADVERTISEMENT

إن لكل أمة رموزها وأبطالها الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل رفعة أوطانهم وتقدمها، وفي كل دولة من الوطن العربي نجد أن هناك الكثير من الأبطال المخلصين الذين جعلوا أرواحهم فداءًا لأوطانهم وتتجسد في قصصهم معاني البطولة والانتماء للوطن، والتضحية والجهاد في سبيل الله.

ومعظم هؤلاء الأبطال لم يسمع عنهم أحد أو يعرف قصتهم إلا أنهم في قد نالوا مكانة عظيمة يتمناها أي مسلم فنيل الشهادة في سبيل الله من المنح الجليلة التي قد يمنحها الله عز وجل لعبد من عباده.

قصة بطل أسوان في حرب أكتوبر

شارك آلاف الجنود المجهولين في حرب أكتوبر المجيدة ونالوا الشهادة فداءًا لوطنهم وللدفاع عن كرامة الأمة العربية جمعاء، فقد شارك في تلك الحرب 5 جيوش عربية، وقد أظهر خلالها الجندي العربي أسمى معاني الفداء والإقدام والتضحية بالنفس من أجل تراب الوطن.

ومن بين الأبطال الذين شاركوا في حرب أكتوبر ونال الشهادة الشهيد أحمد دياب والذي ترك أهله وضحى بحياته لتحرير الوطن من المحتل الغاشم، دون أن يفكر للحظة في نفسه أو حتى في أولاده أن الدفاع عن الوطن وتحريره أو نيل الشهادة كانت أهم عنده من أي شيء أخر، فبدون الوطن لن يستطيع الأبناء العيش بكرامة مرفوعي الرأس.

كان أحمد دياب من أبناء محافظة أسوان في جنوب مصر، وبالتحديد من قرية صغيرة تسمى الأعقاب بحرى، وكان أحمد دياب قد تزوج من ابنة عمه، لكن مع اندلاع حرب 67 لبي نداء الواجب مثل آلاف الشباب غيره، وكان أحمد دياب قد أنهى مدة خدمته العسكرية بالفعل كعريف في سلاح المدرعات بالجيش عام 1973م لكن قبل فترة من اندلاع الحرب.

وفي تلك الفترة لم يكن أحد يتوقع أن تبدأ الحرب، بل على العكس كانت الأخبار والمؤشرات تشير إلى أن الجيش المصري لن يتحرك أبدًا لتحرير الأرض،  فعاد أحمد دياب بعد انتهاء خدمته لقريته ليرعى زوجته وطفلتيه فايزة وفاطمة وكانت ابنته الصغرى حينها عام واحد فقط.

لكن بعد مدة قصيرة بدأت حرب 1973م وحدث ما لم يكن يتوقعه أحد وهو عبور القوات المصرية للضفة الغربية من قناة السويس وتدمير خط بارليف والذي ادعت إسرائيل أنه خط لا يمكن عبوره.

وفجأة عادت روح النصر لتدب في قلوب المصريين بل العالم العربي ككل، وقد تم استدعاء مجموعة من الجنود الاحتياط لتعزيز القوات المسلحة في سيناء، وكان من بينهم مجموعة من أبناء قرية الأعقاب بحري بأسوان، لكن اسم أحمد دياب لم يكن من بين الجنود الذين تم استدعائهم.

فما كان من أحد دياب إلا أن ودع أهله وإخوته وذهب متطوعًا لينضم لصفوف الجيش مرة أخرى، وليشهد المعركة التي لطالما انتظرها هو وزملائه، وتم إرسال أحمد غلى الجبهة لينضم لفريق الإشارة هناك.

وخلال إحدى غارات العدو على سيناء بالطائرات، تم إطلاق عدد من القذائف تجاه الوحدة التي يقيم فيها أحمد دياب ونال الشهادة يوم 15 من أكتوبر وكان عمره حينها 34 عام.

وحاول أحد زملاء أحمد دياب سحب جثته حتى يتم إرساله لدفنه في قريته وسط أهله، لكنه فشل وفي النهاية تم دفنه مع مجموعة أخرى من الشهداء، في مقابر تم تخصيصها لشهداء الحرب بسيناء، وبالرغم من أنه ترك بناته وهم صغار إلا أنهم كانوا فخورين بما فعله ويسألون الله أن يلحقه بالشهداء والصديقين، وقد سعى أهله حتى تم تكريم أسمه بإطلاقه على إحدى مدارس القرية.

قصة الشهيد سالم بن سهيل    

والقصة التالية هي قصة عن حب الوطن، قصة بطل في مقتبل العمر اختار أن يضحي بوطنه ليصبح أو شهيد في دولة الإمارات العربية، فقد استشهد هذا البطل قبل يومين فقط من الإعلان الرسمي عن تأسيس دولة الإمارات، وكان حينها في العشرين من عمره.

واسم بطل تلك القصة هو سالم بن سهيل خميس بن زعيل، وكان سهيل قد تقدم بطلب مع خمسة من زملائه ليكون أحد رجال شرطة رأس الخيمة، وقد تقم معه أيضًا اثنين من إخوته، وتم قبولهم جميعًا ليكون من رجال الشرطة، وتم تعيين الشهيد سالم ضمن المجموعة المكلفة بحماية جزيرة الطنب.

وكانت جزيرة الطنب وهي ضمن أراضي إمارة رأس الخيمة محتلة من الإنجليز سابقًا، لكن بعد انسحابهم قامت قوات إيرانية باحتلال الجزيرة حيث كانت تضمر مطامع قديمة تجاه تلك الجزيرة وعدة جزر إماراتية أخرى حتى أن الحكومة الفارسية كانت قد عرضت في السابق شراء تلك الجزيرة، لكن أمير رأس الخيمة رفض رفضًا قاطعًا لهذا الطلب مهما عرضت إيران من أثمان.

ووقت الحادثة كان الشهيد سهيل وزملائه داخل قسم شرطة طنب والذي كان عبارة عن مبنى من الطين، حين بدأت البوارج الإيرانية تحيط بالجزر الإماراتية وكان الوقت مازال فجرًا، وكان بالقسم حينها ستة جنود منهم الشهيد سالم، وقد كان الجنود الستة يتواصلون مع المركز الرئيسي برأس الخيمة، لكن الاتصالات انقطعت بعد الهجوم، وبالرغم أنهم لم يكونوا يملكون تجهيزات مناسبة لصد الهجوم، لكنهم رفضوا الهرب وترك مواقعهم أو الاستسلام للعدو مهما كان الثمن.

وقد تم حصار القسم الذي كان يضم تلك القوة البسيطة، وبدأ المحتلون يطلقون النار باتجاه المبنى ، وكانت النيران تخترق النوافذ، وعند خروج الشهيد سالم من المركز أصابته رصاصة ونال الشهادة في يوم 30 نوفمبر 1971م.

وقد تم اعتبار هذا اليوم يومًا للشهيد في دولة الإمارات يتم الاحتفال به كل عام منذ عام 2015 م، وفقا لمرسوم أصدره رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان لتخليد ذكرى شاب ضحى بحياته في سبيل وطنه، وتخليد كل من ضحوا بأرواحهم من أجل رفعة بلادهم، ولتذكير الأجيال الجديدة بأن تراب الوطن ورفعته أغلى حتى من الحياة.[1]

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby