قصص تاريخية

قصة الملك عبدالعزيز في توحيد المملكة

ADVERTISEMENT

لاشك أن سمو الملك الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود هو من الشخصيات التي ساهمت في تشكيل التاريخ الحديث في الوطن العربي، حيث أنه قاد المملكة وشبه الجزيرة العربية نحو العالم الحديث.

وقد بدأت قصة استرداد الرياض عندما كان الملك عبدالعزيز مع والده الإمام عبدالرحمن في الكويت بعد أن تركت العائلة بلادهم وهو في السادسة عشر من عمره، وقد استقروا في البداية في الربع الخالي وفي تلك الفترة تعلم الملك الراحل أساليب القتال والصبر والمراوغة في الصحراء.

وقد ظل حلم العودة يطارد الملك الراحل في اليقظة والنوم أيضًا، وقد أصر الملك الراحل على تحقيق الحلم، وقد ألح على والده أن يطلب من شيخ الكويت الإذن له في الخروج لاسترداد الرياض.

وبعد أن رأى الإمام عبدالرحمن عزيمة ابنه وتأكد أن شيئًا لن يستطيع إثنائه عن تحقيق حلمه أذن له بالخروج.

وانطلق عبدالعزيز مع عدد قليل من الرجال وسط الصحراء وهو مازال في السادسة والعشرين من عمره باتجاه الرياض ليحررها ويسترد الحكم الذي سلب من عائلته قبل عشر سنوات تقريبًا.

وقد كان عجلان وهو الحاكم الذي عينه بن رشيد على الرياض يستخدم قصر المصمك ليبيت فيه ويحتمي به، وقد اعتاد عمل ذلك بعد محاولة الملك عبدالعزيز الأولى لاسترداد الرياض حيث كان توجه الملك الراحل قبل هذا التاريخ بعشرة أشهر تقريبًا لاسترداد الرياض وحاصرها لمدة 4 أشهر تقريبًا.

دخل سمو الملك المدينة ليلًا مع حوالي سبعة من رجاله وتسلل عبر أجزاء من السور كان قد هدمها بن رشيد، بينما ترك باقي الرجال تحت قيادة أخيه خارج أسوار المدينة حتى يتمكن من استدعائهم في الوقت المناسب، وقد طرق الملك أبواب المنزل المجاور لمنزل عجلان، ودخلوا للدار، ثم تسللوا نحو دار عجلان.

وانتظر الملك ورجاله حتى صلاة الفجر، وأخيرًا حانت الساعة حيث خرج رجال عجلا من المصمك وبدأوا يجهزوا الخيول، فهجم الملك ورجاله وحاول عجلان الهرب، لكن الملك ورجاله استطاعوا قتله والتغلب على رجاله والذي يبلغ عددهم ضعف عدد رجال الملك تقريبًا.

وكان ذلك في الخامس من شوال عام 1319 للهجرة الموافق 1902م، وبانتصار الملك عادت الأسرة والتي كانت تحكم الجزيرة العربية لسنوات طويلة قبل ذلك إلى موطنها الحبيب.

وقد قام حكم آل سعود من البداية على تطبيق كتاب الله عز وجل وسنة نبيه والقضاء على البدع والشبهات ونشر صحيح الدين بعد أن انتشرت العديد من البدع في المنطقة، كما اعتمد على توحيد القبائل المتفرقة في الأراضي الحجازية لأن الاتحاد من تعاليم الإسلام، وهو السبيل لاستعادة الأمن والآمان في المنطقة.

وعندما تقرأ في تاريخ الملك عبدالعزيز وقصة فتح الرياض  تدرك أن الوحدة هي أيضًا هدف أساسي للملك عبدالعزيز فالإسلام يدعونا دائمًا لتوحيد الكلمة، وقد كان الملك بعيد النظر وذو حكمه وإيمان كبير وكان يدرك أن الاتحاد أمر ضروري من أجل أمن واستقرار شبه الجزيرة العربية وأمنها الكامل، لذلك لم يكتفي باسترداد الرياض فعرض الوحدة على سكان الحجاز، فمنهم من انضم للملك ومنهم من رفض في البداية.

وفي عام 1919 م دخلت عسير في حوزة الملك عبدالعزيز ثم تبعتها منطقة حائل، حيث اتجه الملك الراحل نحو حائل وذلك بعد عرض على أهلها التفاهم والانضمام للدولة الحديثة الناشئة، لكنهم حين رفضوا حاصرها الملك وعزز حصاره عليها بعد شهرين، مما دفع أهلها يقبلون السلام والانضمام للمملكة.

لكن الملك عبدالعزيز الذي كان يسعى لتوحيد الصف عفا عن جميع أهل حائل واعتبرهم من أبناء شعبه وقد عامل الأسرة الرشيدية الحاكمة مثل أبناء عمومته، وبدأ الملك يتجه نحو الغرب بعد أن قرر الشريف حسين بدء المواجهة من الملك عبد العزيز.

فقد منع حجاج نجد من الوصول لمكة المكرمة، وقد أصر على موقفة برغم محاولة الملك عبدالعزيز من التفاوض معه فكان لابد أن يتوجه الملك عبدالعزيز لحماية الحجاج وتأمين طرق الحج  في الطائف لأن الأراضي المقدسة ملك لجميع المسلمين ولا يجوز لأي شخص أيًا كان أن يمنع المسلمين من حج بيت الله الحرام، وقد نشر الملك الراحل خطاب يحمل هذا المعنى في صحيفة الأخبار المصرية واستعان بعلماء المسلمين للتشاور، وقد نصحهم بتأجيل الحج للعام التالي لتجنب حدوث فتنة بين المسلمين.

وفي عام  1924م وبعد رفض الشريف حسين كل مطالبات الملك عبدالعزيز ووصول مناشدات من الأقطار الإسلامية المختلفة تدعو الملك للتدخل، نوى السير نحو الطائف وسيطر عليها ثم دخل مكة معتمرًا مسالمًا، وأصدر مرسوم يؤمن فيه سكان الطائف وحجاج بيت الله الحرام على أرواحهم بينما فر الشريف حسين إلى الأردن بعد أن تناول لابنه علي عن الحكم.

توجه الملك بعدها نحو جدة، لكنه لم يشأ أن يهاجم أهلها وفضل الحصار، وبعد حصار استمر لمدة عام، وغادر الشريف علي من جدة ودخل الملك ورجاله جدة ، بينما قبل هذا اليوم بشهر تقريبًا تمكن محمد بن عبدالعزيز من دخول المدينة المنورة سلمًا دون حرب.

وعاد الملك عبدالعزيز إلى مكة ليعلن انضمام مناطق الحجاز تحت راية الدولة السعودية مرة أخرى، مثلما كانت في عهد الدولة السعودية الأولى.

وبعد مرور أربع سنوات انضمت جازان للوحدة التي أسسها الملك عبدالعزيز، وهكذا حمل الملك الراحل لواء خدمة الإسلام والمسلمين، وبدأ طريق التقدم والاستقرار والأمن والالتزام بمباديء الدين الإسلامي الحنيف.

وبعد مرور عامين أعلن الملك عبدالعزيز توحيد أراضي شبه الجزيرة العربية بأكملها في مملكة قوية موحدة جديدة وهي  المملكة العربية السعودية، وتم إعلان قيام المملكة وفق مرسوم ملكي صدر عام 1932م ليتغير بعدها وجه المملكة والدول العربية والإسلامية ككل، وتشهد الأراضي الحجازية وشبه الجزيرة العربية تقدمًا ونهضة غابت عنها لمدة طويلة نتيجة الفرقة والتشتت التي سبقت قيام المملكة العربية السعودية.[2]

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby