قصص حروب

قصة الأعمال الحربية في عهد أوكتاي

ADVERTISEMENT

كان جلال الدين منكبرتي ، قد أعد وهو في الهند جيشًا كبيرًا ، واستغل فرصة انشغال المغول بأمورهم الداخلية ورجع من الهند ، وأخذ يجمع شتات الإمبراطورية الخوارزمية من جديد ، ونجح إلى حد كبير في ذلك ، ولم يبق خارج دائرة نفوذه سوى إقليم ما وراء النهر ، فشملت دولته ؛ خراسان وكرمان وفارس ، والعراق العجمي وأذربيجان ، كما نهب قلاع الإسماعيلية عام 1227م ، عندما بلغه أنهم على اتصال بالمغول .

ولما تولى أوكتاي خاقانية المغول ، أرسل جيشًا قويًا استولى به على الري وهمذان وما بينهما من بلاد ، ثم قصد أذربيجان وانتصر على جلال الدين بظاهر مدينة آمد عام 1231م ، ففر جلال الدين إلى جبال كردستان حيث قتله أحد الأكراد ، وبمقتل جلال الدين منكبرتي ، آخر ملوك الخوارزمية ، أصبحت الطريق ممهدة أمام المغول للتحرك باتجاه معظم أرجاء العالم الإسلامي المعروف آنذاك .

فتح أقاليم الصين الشرقية :
بدأ أوكتاي منذ توليه الزعامة المغولية ، يعد العدة لفتح بلاد الصين الشمالية ، التي لم يستطع والده أن يحتل منها سوى بعض أقسامها الشمالية ، كشبه جزيرة شانتونج وأطراف خليج بتشيلي والعاصمة بكين ، أما بقية اجزاء المنطقة ، فكانت لا تزال تحت حكم أسرة كين ، التي نجحت في استرداد قسم كبير من مملكتها بعد رحيل جنكيز خان عنها ، واتخذت مدينة كاي – فونج في هونان عاصمة لها .

وفي عام 1231م تحرك أوكتاي مع أخويه جغتاي وتولوي إلى سهل هوانج – هو ، واحتلوا مدينة فنج سيانج في حوض هوانج هو ، على مشارف تونج كوان ، الواقعة على ملتقى نهري هواي هو وهونج هو ، ثم قسموا جيشهم إلى قسمين رئيسيين ، واستدارا حول تونج كوان ، فكان القسم الأكبر بقيادة أوكتاي ، الذي انطلق شمالاً بشرق اتجاه هوتشونج واحتلها ، مما سمح له باجتياز النهر الأصفر هوانج هو ، واجتياح إقليم هونان من الشمال .

أما القسم الثاني ، وهو من ثلاثين ألف خيّال بقيادة تولوي ، قام بمناورة بارعة جنوبًا بغرب ، واجتاح مملكة سونج وعبر من نهر الواي إلى أعالي نهر الهان ، واحتل مدينة هان تشونج في إقليم زتشوان ، وسار بمحاذاة نهر كيالنج واحتل إقليم باوننج ، ثم عاد فاجتاز نهر الهان من جديد عام 1232م ، وظهر جنوبي إقليم هونان من جهة نان يونج ، حيث التقى الجيشان المغوليان في قلب الإقليم المذكور في مدينة كيونج شو ، ثم أرسل أوكتاي القائد المغولي سوبوتاي لاحتلال العاصمة كاي فونج ، فحاصر المدينة طويلاً إلى أن سقطت في يده عام 1233م ، وقتل معظم سكانها .

اجتياح أوروبا الشرقية :
بعد عودته من الصين مظفرًا ، أعد أوكتاي جيشًا كبيرًا من مائة وخمسين ألف مقاتل عام 1236م ، وعهد بقيادته إلى باتو بن جوجي ، وكلفه احتلال بلاد الروس والجركس والبلغار ، وأقاليم أوروبا الشرقية على أن يساعده في مهمته القائد سوبوتاي .

تمكن الجيش المغولي من الاستيلاء على كامل المنطقة الواقعة بين جبال الأورال وشبه جزيرة القرم ، التي كانت موطنًا للباشقرد والبلغار ، ففتحت الطريق إلى بلاد الروس ، ثم هزم المغول تحالف أمراء الروس عام 1237م وأحرقوا موسكو ، ودمروا موروم وياروسلاف وفلاديمير وغيرها من الإمارات القائمة في أعالي الفولغا .

وتحرك الجيش المغولي إلى أوكرانيا ، وعاث فيها فسادًا وتدميرًا ، ثم استولى على العاصمة كييف عام 1240م ، ودمرها ونهب ما بإمارة غاليشيا الروسية ، وبذلك سقطت روسيا بأكملها على يد المغول .

وبعد أن أتم المغول فتح روسيا ، توجه جيشين منها إلى بولندا والآخر صوب بلاد المجر ، هزم الجيش الأول بقيادة كيدو وبيدرا البولونيين في موقعة شميلنك عام 1241م ، واستولى على كراكوف ثم سار بمحاذاة الأودر ، واحتل مدينة برسلو ودمرها ثم وصل إلى برلين ، بعد أن خرب المدن التي صادفته .

اندفع الجيش المغولي في وسط بولندا ومورافيا ، وحصلت المعركة الحاسمة في سهل فالستات قرب ليكنتز في سيسيليا عام 1241م ، وبعد ذلك تحرك المغول تجاه غربي تلال سيسيليا عبر ممرات مورافيا ، وحاصروا مدينة أولموتز واستولوا عليها .

واجتاح الجيش الثاني جبال الكارابات الجنوبية والوسطى ، عبر ترانسيلفانيا إلى بلاد بحر المجر أو هنغاريا ، وهزم الجيش المجري في موقعة سهل موهي ، واستولى المغول على بست عاصمة المجر ، وتقدم إلى فيينا من جهة وإلى بحر الأدرياتيك من جهة أخرى.

ولم يتوقف اندفاع باتو داخل أوربا ، إلا بعد أن بلغته أخبار وفاة الخاقات أوكتاي عام 1241م ، فتراجع إلى المنطقة المفتوحة شمال البحر الأسود ، على طول نهر الفولغا ، ينتظر ما تتمخض عنه الأحداث حول خلافة أوكتاي .

وهكذا أفلتت من يد باتو جميع الفتوحات التي أحرزها في بحر المجر ، واستقرت القبائل التابعة لباتو في سهوب الفولغا الوسطى والعليا ومنطقة شمال شرقي البحر الأسود ، وذلك لتكون مركز استقرار للمغول في شرقي أوروبا .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby