قصص منوعة

قصة إسلام أرنود فان دورر المشارك في إنتاج الفيلم المسيء للنبي

ADVERTISEMENT

قال تعالى في كتابه العزيز “اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ، الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ، الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَار،  نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ، وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” صدق الله العظيم.

فوجود الله الواحد أمر واضح جلي لأصحاب العقول، لكن الله تعالى يهدي لنوره من يريد من عباده، لأنه تعالى وحده يعلم ما في القلوب ويعلم من يستحق الهداية ويعلم من يستحق الضلال فيخرج من يستحق الهداية من ظلمات المعاصي إلى نور الهداية.

ولعل قصة إسلام أرنولد فان دورر فيها كثير من الدروس وكيف أن الله تعالى يقلب القلوب، فقد كان طوال حياته من كارهي الإسلام والمسلمين، ومع ذلك فإنه بعد أن اجتاز الأربعين من عمره تغير موقفه تمامًا، فأعلن إسلامه وهو في السابعة والأربعين من عمره، وهو الذي ولد لأسرة مسيحية متشددة، وكان عضوًا في حزب الحرية الذي كان يعادي الإسلام بشكل صريح، وكان ناشطًا سياسيًا فعالًا في الحزب، وقد كان ينظر للإسلام بشكل سلبي بالرغم من أنه لم يكن يعرف أي شيء عن الإسلام، ولم يكن حتى مهتم بمعرفته عن قرب.

ولد أرنود في 18 مارس 1966م، وقد كانت والدته مسيحية متدينة، واشتغل بالسياسة في شبابه حيث انضم لحزب هولندي يميني متطرف، يسمى من أجل الحرية أسسه سياسي هولندي شهير يسمى خيرت فيلدرز، وقد ارتبط اسم فيلدرز والحزب بكره الإسلام لأنهم زعموا أنه يهدد حريتهم، وقد انضم أرنود خصيصًا لهذا الحزب لأنه اعتقد أن عليه منع الزحف الإسلامي إلى غرب أوروبا.

كان أرنولد قبل إسلامه يعمل كعامل في الكنيسة لإعادة الشباب الضالين، وقد كان مع أعضاء حزبه يريدون أن يخوفوا الناس من الإسلام فقاموا بإنتاج فيلم مدته حوالي 15 دقيقة، واختاروا له اسمًا عربيًا حتى يبين للناس أن الإسلام دين فتنة، ولم يكن الهدف من وراء إنتاج هذا الفيلم هدف ديني لكنه كان هدفًا سياسيًا، حيث كان يسعى لجمع أكبر عدد من الأصوات اليمينية المتطرفة، وأصوات الأشخاص الذين يرون أن الإسلام ضد الحرية وأن حزبه هو حامي القانون والحريات ضد الإسلام، وقد كان دور أرنود هو توزيع الفيلم والترويج له.

وعلى عكس المتوقع فقد جاءت نتيجة هذا الفيلم عكس المتوقع، حيث أنه شجع كثير من الهولنديين على السعي للتعرف عن قرب عن هذا الدين، وقد وجدوا أن كلما يروج عن الإسلام في الغرب هو محض أكاذيب مما دفع الكثيرين لاعتناق الدين الإسلامي الحنيف، وكان من بينهم أرنود فان دون نفسه.

بعد أن انتشار الفيلم وجد أرنود أن هناك الكثير من ردود الأفعال الغاضبة حول الفيلم وأن هناك أشخاص يشعرون بالحزن الشديد بسبب هذا الفيلم القصير ولأنه كان قد سمع طوال حياته كثير من الأفكار السلبية حول الإسلام والمسلمين، فكر في قرارة نفس كيف يكون مليار ونصف إنسان يعيشون على الأرض مخطئين في نفس الوقت.

بعد أن ترك أرنولد حزب من أجل الحرية المتطرف نصحه بعض المسلمين بزيارة المسجد لمشاهدة المسلمين عن قرب،

توجه فان دورن للمسجد للتعرف على المسلمين عن قرب وأخذ القرآن الكريم وكتاب عن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وقرأهما من باب القدح في القران وإثبات أن وجهة نظره في الإسلام صحيحة، لكنه عندما بدأ في قراءة القرآن اختلف رأيه ونظرته للإسلام بنسبة 100%، واكتشف أنه كان مخطئ وأن النظرة التي  كانت لديه في السابق هي التي يعطيها له الإعلام والسياسيون، وبمجرد أن بدأ في قراءة القرآن الكريم شعر أنه يريد أن يقرأ المزيد وقد تأثر به كثيرًا، كما تأثر كثيرًا بحياة النبي عليه الصلاة والسلام وما مر به في حياته من أجل إبلاغ رسالة المولى عز وجل طريقة تعامله مع الكفار وتسامحه معهم وعفوه عنهم بعد فتح مكة بالرغم من كل الأذى والضرر الذي ألحقوه به صلى الله عليه وسلم.

وخاصة الآية في سورة النساء” وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ” فقد شعر أنها تلخص الإسلام بالنسبة له وهو أنه دين يدعوه أن يكون قدوة حسنة ومعطاء في كل أمور حياته، ومع جميع البشر.

تربى في عائلة مسيحية، وكان متدينًا لكنه كان يعلم بداخله أن هناك إله واحد، لذلك عندما قرأ القرآن وعرف أنه يدعو لوحدانية الله تعالى، شعر أنه هذا هو الشعور الذي كان بداخله من البداية، وأنه كان يبحث عن هذا الدين منذ البداية.

وبعد سنة كاملة من القراءة ودراسة القرآن الكريم قرر فان دورن أن يذهب إلى المسجد لينطق الشهادة، وقد بكى عند نطق الشهادتين لأنه شعر بالراحة والقوة والدفء، وقد استمر فان دورن في ممارسة حياته السياسية لكن بنظرة مختلفة للإسلام وللعالم، وبعد أن كان يحارب المسجد أصبح واحد من أهله، وقد شارك في تأسيس حزب سياسي جديد لكن بمبادئ مختلفة تتماشى مع تعاليم الإسلام، وقرر أن يهتم بمشاكل السكان المسلمون في مدينته والذين يبلغ عددهم حوالي 70% من سكان المدينة.

شعر كثير من أصدقاء أرنولد بالدهشة الشديدة حين عرفوا بأمر إسلامه، فكيف يصبح شخص مثله مسلمًا، وقد فقد الكثير من أصدقائه بسبب ذلك وحتى أن البعض اعتبره خائنًا وحاول أقاربه منعه من العبادة، وقد شعر بالوحدة في بداية إسلامه، لكنه مع مرور الوقت تعرف على أصدقاء جدد من المسلمين، كما أن بعض أصدقائه القدامى الذين قاطعوه بعد إسلامه عادوا ليصبحوا أصدقاء له مرة أخرى بعد أن رأوا كيف أنه أصبح شخص أفضل.

ولأن أرنولد كان قد تأثر كثيرًا بحياة الرسول عليه الصلاة والسلام، قرر أن يكون هو قدوته في جميع أمور حياته التالية، وقد ذهب في نفس العام الذي أعلن فيه إسلامه لزيارة بيت الله الحرام، وعندما وقف أمام الكعبة لأول مرة بكي من روعة وجلال الموقف.

وقد زار المدينة المنورة وذهب لزيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام، وعندما وقف أمام روضته الشريفة شعر بالخجل من نفسه، لأنه طالما وصفه بأوصاف ليست فيه، كما أنه تقاعس في البداية عن البحث عن الحقيقة، لكنه في نفس الوقت شعر براحة بجوار قبر النبي لم يشعر بها في أي مكان آخر.

كما بدأ دورر في تلقي دروس اللغة العربية، ليستطيع أن يقرأ القرآن بلغته، كما أنه يسعى أن يكون عضوًا إيجابيًا في المجتمع المسلم، من خلال نشر المفاهيم الصحيحة عن الإسلام، لأن المسلمين في هولندا هم أعضاء إيجابيين في المجتمع لكن السياسيين في تلك المجتمعات مازالت تقاوم وجودهم.

وقد اعتنق علي ابن أرنولد فان دورر الإسلام أيضًا بعد أن شاهد كيف تغير والده للأفضل، وقد اتخذ ابنه هذا القرار بنفسه، كما أن دورر أصبح يأخذ والدته معه للمسجد وكانت تقرأ القرآن الكريم وتشعر بالراحة والسعادة عند قراءته.

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby