قصص عالمية

قصة أم ملكة | قصص

ADVERTISEMENT

حين مات أبوه ، كان مجرد ولد صغير ، فدفنه مدير أعماله على نحو دائم ، وذلك يعني بأن قطعة الأرض التي دفن فيها أصبحت ملكًا له ، لكن حين ماتت أمه ، فكر مديره أنه لا يمكنهما أن يستمرا في الخصام ، كانا حبيبين ، فمن المؤكد بأنه كان ملكة ، ألم تعرف ذلك ؟! انه كذلك طبعًا ، وهكذا دفنها لمدة خمس سنوات فقط .

نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الأميركي ، للكاتب الأديب ايرنست همنجواي ، ولد في 21يوليو عام 1899م ، في أوك بارك – إلينوي – الولايات المتحدة ، بدأ الكتابه حينما كان في المدرسة الثانوية عام 1917م ، عاش همنجواي في باريس كعبة أدباء وفنانين العالم بشكل عام ، وأدباء وفناني أمريكا بوجه خاص ، أصدر له أول كتاب في عام 1922م بعنوان ثلاث قصص وعشر قصائد ، ثم أتببعها بمجموعة من الروايات ومنها : في زماننا ، دفقات ربيع ، الرجل العجوز والبحر ، وغيرها ، وقد منح جائزة نوبل للآداب عام 1954م .

القصة :
حسنا ، حين عاد إلى المكسيك من إسبانيا ، استلم الإخطار الأول ، قال بأنه أول اشعار بعد انقضاء السنوات الخمس ولابد أن يعمل على وضع الترتيبات اللازمة للاحتفاظ بقبر أمه ، كانت عشرون دولار هي اللازمة لجعل القبر دائمًا ، كان صندوق المال معي فقلت له دعني أتولى الأمر يا باكو ، لكنه قال لا ، وسيتولى الأمر بنفسه ، سيتولى الأمر في الحال .

كانت أمه وأراد أن يقوم بالعمل بنفسه ، وبعد أسبوع استلم الاخطار الثاني ، تلوته عليه وقلت له بأنني ظننت بأنه قد تولى الأمر ، قال : إنه لم يفعل ذلك ، قلت : دعني أقوم به ، إن المبلغ هنا في صندوق المال ، قال : لا .لا يمكن لأحد أن يملي عليه ما سيفعله ، سيقوم بالعمل بنفسه حين يأذن الوقت .

ما العبرة من انفاق النقود قبل الوقت المحدد لهذا ؟ ، قلت :حسنا ، لكن تأكد من تولي الأمر وأبرم في ذلك الوقت عقدًا للقيام بست حفلات مصارعة بسعر أربع آلاف بيزوس لكل حفلة إضافة إلى حفلته الخيرية ، كسب ما يزيد عن خمسة عشر ألف دولار هناك في العاصمة فقط ، لقد كان شحيحًا ، ذلك كل ما في الأمر .

الإخطار الثالث :
ووصل الاخطار الثالث بعد مرور أسبوع ، وتلوته عليه ، جاء فيه أنه في حال ما إذا لم يسدد الدفعة يوم السبت التالي ، فإن قبر أمه سيفتح وتقذف ببقاياها في كومة العظام العمومية ، قال بأنه سيذهب لتولي الأمر بعد ظهر ذلك اليوم ، وذلك حين يذهب إلى المدينة ، سألته : لم لا تدعني أتولى الأمر ، قال : لا تتدخل في شؤني ، إنه شغلي وسأقوم به بنفسي ، قلت : حسنا ، إن كان ذلك هو شعورك حول هذا ، فقم بعملك بنفسك .

أي نوع من الدماء يجري في عروقك :
أخرج النقود من صندوق المال ، مع أنه كان يحمل حينذاك مائة بيزوس أو أكثر طيلة الوقت ، وقال بأنه سيتولى الأمر ، خرج والنقود معه واعتقدت بأنه سيتولى الأمر ، وأنجز المهمة طبعًا ، بعد أسبوع وصل إخطار بأنه لم يصلهم رد على الإنذار الأخير فألقيت بجثة أمه في كومة العظام العمومية .

قلت له : يا للمسيح ، قلت بأنك ستدفع ذلك المبلغ وأخرجت النقود من صندوق المال ، لتقوم بالمهمة ، ماذا حدث لأمك ؟ يا إلهي ، فكر بهذا ! مزيلة العظام العامة وأمك ! لم لم تدعني أتولى الأمر ؟ كنت سأرسل النقود في حال وصول الاخطار الأول ، قال : إنه ليس شغلك ، أنها أمي أنا ، قلت : نعم انه ليس شغلي أنا ، لكنه شغلك أنت ، أي نوع يجري في عروق رجل يسمح بحدوث شيء كهذا لأمه ؟ أنت لا تستحق أن يكون لك أم ، قال : انها أمي .

إنها الآن عزيزة عليّ أكثر من أي وقت مضى ، والآن لن أفكر بها وهي مدفونة في مكان واحد فأحزن عليها ، هي حولي الآن في كل مكان ، في الهواء مثل الطيور والزهور ، ستبقى معي باستمرار الآن ، قلت : يا للمسيح ، أي نوع من الدماء يجري في عروقك ؟ إنني لا أرغب حتى في أن أتكلم معك ، قال : إنها حولي في كل مكان ، لن أشعر بالحزن أبدًا .

الدين :
وكان يصرف كل أنواع المال حوله في ذلك الوقت ، وعلى النساء محاولاً الظهور بمظهر الرجل العظيم ، وليخدع الناس ، لكن ذلك لم يحدث أي تأثير على الناس الذين كانوا يعرفون عنه أي شيء ، كان مدينًا لي بستمائة بيزوس ولم يردها إليّ : كان يردد : لماذا تريدها الآن ؟ ألا تثق بي ؟ ألسنا أصدقاء ؟ ليس الأمر متعلق بصداقتنا وثقتي بك ، كل ما في الأمر أنني كنت أدفع حساباتك المالية من مالي الخاص حين كنت أسافر ، وأنا بحاجة إلى مالي الآن وعليك أن تردها إليّ .

الوعد بالسداد :
قال : ليس لدي مال ، قلت : لديك ، انها في صندوق المال الآن وتستطيع أن تدفعها لي ، قال : أحتاج إلى ذلك المال لغرض من الأغراض ، أنت لا تعرف مدى حاجتي إلى المال ، ظللت هنا في خلال الوقت الذي كنت فيه في أسبانيا ، وكلفتني بدفع كل النفقات عن كل الأمور الطارئة ، وكل ما يتعلق بالبيت ، ولم ترسل لي نقودًا بينما كنت في خارج البلاد ، وقد دفعت ما يزيد عن ستمائة بيزوس من مالى الخاص وأنا أحتاج الآن إلى النقود ، وبإمكانك دفع هذا المبلغ لي .

اكتشاف حقيقة الأمر :
قال : سأدفع لك قريبًا ، انني بحاجة ماسة إلى المال الآن ، لماذا لعملى الخاص ، لم لا تدفع لي مبلغًا على الحساب ؟ ، قال : لا أستطيع ، انني بحاجة ماسة إلى المال لكنني سأدفع لك ، صارع في أسبانيا مرتين فقط ، فلم يتحملوه هناك ، واكتشفوا حقيقة أمره بسرعة ، وكان قد صرف سبع بدلات مصارعة جديدة ، فقد كان هذا الصنف من الرجال ، ثم حزمها بطريقة سيئة جدًا ، إلى درجة أن أربع منها ، تلفت من ماء البحر في رحلة العودة ولم يعد بإمكانه ارتداءها فيما بعد .

الدين وصندوق المال :
قلت له: يا إلهي ، تسافر إلى إسبانيا وتبقى هناك موسمًا كاملاً وتصادره مرتين فقط ، وتنفق كل النقود التي أخذتها معك ، على بدلات أتلفها ماء البحر ، ولا تستطيع ارتدائها بعد ذلك ، ذلك هو الموسم الذي أمضيته هناك ، ثم تأتي لتردد على مسامعي ما رددته عن عملك الخاص ؟ لم لا تدفع لي المال الذي تدين به إليّ حتى أستطيع تركك ؟ قال : أريدك هنا ، سأدفع لك كل نقودك ، لكنني بحاجة إلى المال الآن .

قلت : أنت بحاجة ماسة إليها لتدفعها لقبر أمك حتى ترتاح إلى الأبد فيه ، أليس كذلك ؟ قال : أنا سعيد لما حدث لأمي ، وأنت لا تستطيع فهم ذلك ، قلت : أشكر المسيح أنني لا أفهم ، ادفع لي ما أنت مدين به ، و إلا آخذه من صندوق المال ، قال : سأبقي صندوق مالي معي .

مصارع الثيران العظيم الكريم :
وبعد ظهر ذلك اليوم ، حضر مع صعلوك ، رجل من بلدته كان مفلسًا ، قال : ها هو فلاح بحاجة إلى النقود لكي يعود إلى بلدته لأن أمه مريضة جدًا ، كان ذلك الرجل مجرد صعلوك متشرد ، كما تعرف ، شخصًا نكرة لم يره من قبل قط ، لكنه كان أحد أبناء بلدته وأراد الظهور بمظهر مصارع الثيران العظيم الكريم أمام أبناء بلدته .

قال لي : اعطه خمسين بيزوس من صندوق المال ، قلت : لقد أخبرتني الآن بأنك لا تملك مالاً تدفعه لي ، وها أنت الآن تنبري لإعطاء خمسين بيزوس لهذا الصعلوك ، قال : انه من أبناء بلدتي وهو في ضيق ، قلت : أنت كلبة ، وأعطيته مفتاح صندوق المال ، أعطه النقود بنفسك ، أنا ذاهب إلى المدينة ، قال : لا تغضب سأدفع لك .

في المدينة :
أخرجت السيارة لأتوجه بها إلى المدينة ، كانت سيارته لكنه كان يعرف بأنني أقودها خير منه ، كنت أقوم بكل ما يقوم به خيرًا منه ، كان يعرف هذا ، لم يكن يعرف حتى القراءة والكتابة ، أردت الخروج لأرى شخصًا ما يدلني على ما يمكنني فعله لحمله على تسديد ديني ، خرج وقال : أنا آت معك وسأدفع لك ، نحن صديقان حميمان ، لا داعي للخصام.

دخلنا المدينة بالسيارة ، وكنت أنا الذي يقودها ، وقبل أن ندخل المدينة أخرج عشرين بيزوس ، قال : هاك النقود ، قلت : أيها الكلبة بلا أم ، وذكرت له ما يمكنه فعله بالنقود ، تعطي صعلوك خمسين بيزوس وتعرض عليّ عشرين بيزوس في حين أنك مدين لي بخمسمائة بيزوس ،لن آخذ نيكل منك !

بعد مرور السنوات :
نزلت من السيارة وأنا خالي الوفاض ، لا أملك بيزوسا واحد ، ولم أكن أعرف أين سأنام تلك الليلة ، خرجت فيما بعد مع صديق وأخذت متاعي منه ، ولم أتكلم معه منذ ذلك الوقت وعلى مدار سنة ، وقد صادفته يسير مع ثلاثة من أصدقائه ، في المساء وهو في طريقه إلى دار سينما في شارع جران في مدريد ، مد يده نحوي وقال : مرحبا يا روجير يا صديقي القديم ، كيف حالك ؟ يقول الناس بأنك تتكلم وتردد كل الأقوال الظالمة عني ، قلت له : كل ما أقوله بأنه لم يكن لديك أم قط ، كان ذلك أقوى ما يمكن أن تهين به رجل في أسبانيا .

أي نوع من الدماء :
قال : ذلك صحيح ، فقد ماتت أمي المسكينة حين كنت صغير السن جدًا ، إنه لأمر محزن ، قلت : هناك ملكة لك ، لا يمكنك لمسهم ، انهم ينفقون النقود على أنفسهم غرورًا ، لكنهم لا يدفعون أبدًا ، رددت على مسامعه ما كان يراود ذهني من أفكار ، أمام أصدقائه الثلاثة ، لكنه ما يزال يتكلم معي حتى الآن كأننا صديقان ، أي نوع من الدماء تجري في عروق رجل كذلك الرجل ؟

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby