الغزل هو استخدام الفنون الأدبية في التعبير عن مشاعر الحب والغرام الخاصة بالمحبين ، ويُعتبر الغزل من أغراض القصيدة العربية لوصف المشاعر الصادقة للشاعر وعلاقته بحبيبته وشعوره الذي يبادلها إياه ، وعن مدى هيامه بتلك المحبوبة ، فلو زاد الحب كان العطاء أكبر في القصيدة ، مما يجعلنا نستمتع بالاستماع لهذه القصائد ، وتتعدد قصائد الغزل باختلاف العصور بداية من العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث والمعاصر ، وسنذكر بالسطور التالية بعض ما قيل في الغزل في العديد من العصور التي مر عليها شعر الغزل .
تنوعت الأغراض الشعرية في العصر الجاهلي التي تنوعت ما بين المدح ، والهجاء ، والرثاء والغزل ، وغيرها من الأغراض التي تركوا لنا إرثاُ غزيراً منها ونذكر منها الآتي :
من شعر زهير بن أبي سلمى في الغزل :
صَحا القلبُ عن سلمى وقد كاد لا يسلو وَأقْفَرَ من سَلمى التّعانيقُ فالثّقْلُ
وقد كنتُ مِن سَلمَى سِنينَ ثَمانيا على صيرِ أمرٍ ما يمرُّ، وما يحلُو
وكنتُ إذا ما جئتُ ، يوما لحاجة مضَتْ وأجَمّتْ حاجة الغدِ ما تخلو
وكلُّ محبّ أعقبَ النأيُ لبهُ سلوَّ فؤادٍ ، غير لبكَ ما يسلُو
من شعر امرؤ القيس :
قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمها لما نسجتْها من جَنُوب وَشَمْأَلِ
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها وقيعانها كأنه حبَّ فلفل
كأني غَداة البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ
وُقوفا بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ يقُولون لا تهلكْ أسى وتجمّل
وإنَّ شفائي عبرة مهراقة فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ
قال عنترة بن شداد :
يا طائرا قد باتَ يندبُ إلفهُ وينُوحُ وهْوَ مُولّهٌ حَيرانُ
لو كنتَ مثلي ما لبثتَ ملوَّنا حَسنا ولا مالتْ بكَ الأَغصان
أين الخَليُّ القلْبِ ممَّنْ قلْبُهُ من حرِّ نيرانِ الجوي ملآن
عِرْني جَناحَكَ واسْتعِرْ دمْعي الذي أفنى ولا يفنى له جريان
حتى أَطيرَ مُسائلا عنْ عبْلة إنْ كان يُمكنُ مثليَ الطَّيرانُ
اجمل ما قيل في الغزل الحديث
تتنوع أبيات الشعر الحديث في غرض الغزل الحديث الذي يمتلأ بكلمات غاية في الروعة والجمال ، تطرب الآذان بالاستماع إليها ونذكر منها الأبيات التالية :
من شعر بدر شاكر السياب :
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر .
عيناك حين تبسمان تورق الكروم وترقص الأضواء كالأقمار في نهر يرجه المجداف .
وهنا ساعة السحر كأنما تنبض في غوريهما النجوم .
وتغرقان في ضباب من أسى شفيف كالبحر سرح اليدين فوقه المساء دفء الشتاء فيه .
وارتعاشة الخريف ، والموت ، والميلاد ، والظلام ، والضياء فتستفيق ملء روحي .
رعشة البكاء أنشودة الطفل إذا خاف من القمر .
كأن أقواس السحاب تشرب الغيوم وقطرة فقطرة تذوب في المطر وكركر الأطفال في عرائش الكروم .
ودغدغت صمت العصافير على الشجر أنشودة المطر .
من شعر محمود درويش :
يطير الحمام يحطّ الحمام أعدّي لي الأرض كي أستريح .
فإني أحبّك حتى التعب صباحك فاكهةٌ للأغاني .
وهذا المساء ذهب ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه في الرخام .
وأشبه نفسي حين أعلّق نفسي على عنقٍ لا تعانق غير الغمام .
وأنت الهواء الذى يتعرّى أمامي كدمع العنب .
وأنت بداية عائلة الموج حين تشبّث بالبرّ حين اغترب وإني أحبّك .
أنت بداية روحي ، وأنت الختام يطير الحمام يحطّ الحمام .
يعتبر الشاعر نزار قباني من أهم الشعراء في العصر الحديث الذين تناولوا غرض الغزل بشكل واسع وله قصائد عديدة نذكر منها :
من شعر نزار قباني :
علمني حبك أن أحزن وأنا محتاج منذ عصور لامرأة تجعلني أحزن .
لامرأة أبكي فوق ذراعيها مثل العصفور لامرأة تجمع أجزائي كشظايا البلور المكسور .
علمني حبك سيدتي أسوأ عادات .
علمني أفتح فنجاني في الليلة آلاف المرات وأجرب طب العطارين وأطرق باب العرافات .
علمني أن أخرج من بيتي لأمشط أرصفة الطرقات .
وأطارد وجهك في الأمطار وفي أضواء السيارات وألملم من عينيكِ ملايين النجمات .
وله أيضا ً:
أحبك جداً أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى .
وأنت بمنفى وبيني وبينك ريحٌ ، وغيمٌ وبرقٌ ، ورعدٌ ، وثلجٌ ، ونـار .
وأعرف أن الوصول لعينيك .
وهمٌ وأعرف أن الوصول إليك انتحـار .
ويسعدني أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية ولو خيروني لكررت حبك للمرة الثانية .
