قصة مود دايدر | قصص
يأتي البعض من البشر بأفكار ، قد لا تصدق أن إنسانًا يمكنه أن يطبقها ، أو يقتنع بها ، وعلى الرغم من ذلك ، فنجد بيننا من يبررون القتل أو التعذيب أو الانحراف السلوكي ، أيًا كان شكله أو هيئته ، ولعل لويس دايدر قد مارس أحد أنواع التعذيب ، وطبقها على من حوله ، وتلك هي قصة لويس وابنته مود دايدر.
لويس دايدر أحد رجال الأعمال الفرنسيين ، كان لويس يؤمن بالمفكر نيتشه وأفكاره بشدة ، وكان من بين تلك الأفكار هو الإنسان الخارق ، والذي لا يقهر بسهولة أو لا يقهر على الإطلاق ، وأراد لويس أن يحصل على طفل له ، من صلبه يحمل تلك السمة المتميزة للغاية ، وبالطبع من أجل تحقيق هذا الغرض كان لابد للويس ، من الحصول على زوجة تقبل تلك الأفكار الغريبة ، ولهذا وضع خطته التي بدأ في تنفيذها على الفور.
ذهب لويس إلى عاملين فقيرين في أحد مصانعه ، حيث كان ذو نفوذ ، وطلب منهما أن يحصل على ابنتهما ، جيني ذات الستة أعوام ، وأنه سوف يتكفل بتعليمها وتربيتها ، والإنفاق عليها ولكن عليهما أن ينسوها تمامًا في مقبال المال ، وكأنها لم توجد أو لم تولد لهما تلك الطفلة ، ووافق الزوجان بعد توديع طفلتهما للأبد.
بمجرد أن بلغت جيني ، تزوجها لويس وبدأ في تنفيذ مخططه ، وأقنعها أن تنجب له طفلاً خارقًا ، وبالفعل أنجبت جيني طفلة أسمياها مود ، لتبدأ الصغيرة التي لا تعي شيئًا رحلة عذاب قادمة.
اشتري دايدر منزلاً منعزلاً عن الناس ، في بقعة ريفية من أجل إجراء تجاربه على طفلته ، فقد كان متأثر بشدة بظروف الحربين العالميتين الأولى والثانية ، وكان يعتقد أن الظروف والضغوط على المرء ، هي ما تصنع البطل الخارق ، لهذا أراد أن تمر مود بتعذيب مثل السجناء ، أو ما يلاقيه الأسرى في المعتقلات.
بدأ لويس في منع مود من التحدث إلى الناس ، وهي بعمر الثالثة فقط ، وبالطبع لم يكن هناك أناسًا تحدثهم نظرًا لموقع المنزل ، الذي اختاره لويس لبدء تجاربه عليها ، إلى جانب منعها من احتضان والديها أو تقبيلهم ، أو الاتصال الهاتفي وإذا ما أبدت مود ، أية مشاعر عاطفية كان عقابها الانعزال التام ، عن رؤية والديها وحرمانها منهما لمدة ستة أسابيع متصلة! أي أب هذا؟؟
وعندما بلغت مود سن الخامسة ، بدأ لويس في إجبارها على تناول الخمور ، ثم السير على حبل دون أن تتأرجح ، فقد كان يعتقد أن من يسير دون اضطراب تحت تأثير الخمر ، يمكنه أن يفعل أي شيء ، وبعمر الثامنة أجبرها والدها على لمس سياج كهربائي ، لمرتين كل أسبوع على الأقل ، وكانت الرياضة المفضلة للويس ، بالنسبة لمود هو أن تسير على حافة منحدر صخري ، إلى جانب عزلها التام عن أي شيء لبضع أيام كل فترة.
وبالطبع خوف مود الشديد من الفئران ، أصاب والدها بخيبة أمل واضحة ، فاضطر لوضعها داخل غرفة ممتلئة بالفئران ، لتقف المسكينة بالساعات باكية ، وهي تستمع إلى أصوات الفئران ، تركض هنا وهناك.
وبين كل تلك الأحداث والتجارب المؤلمة ، قرر لويس أن تتعلم مود الموسيقى ، لأن الموسيقيين هم من نجوا من المعسكرات والمعتقلات ، وعندما بلغت مود السابعة عشر من عمرها ، بدأت تثور ضد تجارب والدها عليها ، فقرر أن يزوجها لرجل في الخمسين من عمره ، ولكن معلم الموسيقى أقنعه أن يزوجها لرجل في الخامسة والثلاثين من عمره ، هذا الذي استطاعت مود أن تنفصل عنه في أقرب فرصة ، وتتزوج من آخر منحها هو ووالدته الحنان الذي طالما حُرمت منه ، وهي طفلة وقد أقرت مود أنه لولا أن سمح لها والدها بتربية كلب وحصان ، لكانت تخلصت من تلك الحياة القاسية التي لا روح فيها ، وهي حاليًا تبلغ من العمر ستين عامًا ، وقد ألفت كتابًا روت فيه قصتها ، تصدّر قائمة الكتب الأعلى مبيعًا ، في فرنسا.