قد تدب الحياة في قلب الإنسان بعد أن يكون قد أوشك على الموت ، وقد تنتهي الآلام في لحظة لتتحول إلى آمال ، وقد تنبت الزهور في قلب الصخور ، إنها قصة حياة بعد الضياع ، إنها قصة الأمريكي أنتوني روبنز الذي تحول من إنسان يائس مُقبل على الانتحار إلى أحد أشهر الكُتاب والمحاضرين بالولايات المتحدة الأمريكية ، ليصبح أحد أهم مصادر الطاقة الإيجابية التي يستمد منها الآخرون قوتهم ، فما هي القصة وراء هذا التحول الهائل في حياة هذا الرجل .
نشأة قاسية :
وُلد أنتوني روبنز في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 1960م ، وعاش ظروفًا اجتماعية قاسية وسط عائلته التي كانت تعاني من شدة الفقر ، بالإضافة إلى المشكلات الأسرية التي أدت في نهاية الأمر إلى انفصال والديه ، وفيما بعد اكتشف أنه يعاني من ورم داخل جسده ، لتبدأ رحلة علاجه التي كادت أن تنتهي بالانتحار نتيجة لإصابته بحالة من الاكتئاب الحاد .
قام روبنز باتخاذ قراره بالانتحار في أحد الشوارع ، حيث قام بوضع حبل حول عنقه ، وحينما أوشك على شده لينهي حياته ، ظهر أمامه عجوز والذي قام بإنقاذه من الموت ، ثم أخذه إلى حياة أخرى حيث اصطحبه إلى المكان الذي يعيش به ، وهناك وجد روبنز نفسه يقف وسط مجموعة هائلة من الكتب في مختلف المجالات ، فقام روبنز بسؤال العجوز عن سر إقباله على الحياة على الرغم من كبر سنه وفقره ، فأجابه العجوز أن السر موجود في القراءة التي تفتح له عوالم كثيرة تجعله يستطيع مواجهة الحياة بقسوتها .
القراءة باب أمل :
شعر روبنز أن الحياة تفتح ذراعيها إليه بعد أن كادت تنفر منه ، حيث سلك طريق القراءة الذي حدثه عنه العجوز وكانت بدايته مع كتب في علم النفس وتحفيز الذات واللغات العصبية الخاصة بالبشر ، وهو ما جعله متميز فيما بعد في مجال التنمية البشرية ، حيث أنه أخذ جرعة ضخمة من هذا المجال الذي جعله قامة علمية في هذا المجال ، حتى استحق أن يحصل على لقب معلم في التنمية البشرية وعلم النفس الذي درسه بإتقان .
تمكن روبنز خلال عشرة أعوام من جمع ثروة ضخمة والتي مكنته من امتلاك قلعة أثرية ، حيث أنه قد اشتراها كي يعيش فيها مع عائلته ، كما تمكن من شراء أكبر مكتب استشاري موجود بالولايات المتحدة ، وكذلك امتلك طائرة خاصة به ، وقد تم تصنيفه خلال عام 2007م ضمن القائمة الخاصة بالمشاهير المائة ، حيث أن ثروته قد بلغت آنذاك 30 مليون دولار .
وقد قام روبنز خلال رحلة صعوده بالاهتمام بالأعمال الخيرية من أجل مساعدة المجتمع ، حيث أنه يشعر بمدى مسؤوليته المجتمعية تجاه الناس بعد أن خرج من معاناته الشديدة ، ليمد يد العون إلى الآخرين كي ينتشلهم من الألم إلى الأمل ، حيث أنه قام بإنشاء جمعية خيرية أطلق عليها اسم “مؤسسة أنتوني روبنز” خلال عام 1992م ، والتي أسسها من أجل مساعدة السجناء والفقراء عن طريق توفير الأموال اللازمة من أجلهم ، كما أن المؤسسة تعمل على تعليمهم أيضًا .
وهكذا خرج أنتوني روبنز من يأسه ، ليصبح من أكثر الشخصيات الملهمة في العالم ، حيث أنه يبث الآمال في نفوس البشر ، حتى يخرجوا من كهوف الظلام إلى أشعة النور الساطع في الكون ، وكل ذلك تسبب فيه لقاء بالصدفة أنقذه من الموت ليجذبه إلى الحياة عن طريق القراءة ، ليبدو أن كل عراقيل الحياة قد تذوب بقوة الإرادة والسعي إلى التقدم .
