عناوين
قصة دفن البنات في العصر الجاهلي
في الجاهلية إنتشرت كثيراً عادة دفن البنات وهن أحياء، وكانت هناك الكثير من القبائل مشتهرة بذلك وكانت من أكثر تلك القبائل همتا قبيلتا ربيعة وتميم، وقد كان ذلك الفعل غير منتشر في بعض من القبائل المستقرة في الحجاز واليمن ولكن ذلك الفعل لم يكن عند العرب فحسب، ولكن كان هناك العديد من الأمم أيضاً مثل اليهود واليونان والهنود، وقد ورد أن السبب وراء وأد الذكور هو الفقر فحسب، ولكن كثرت الأسباب حول دفن البنات وهن أحياء ومن تلك الأسباب هو الفقر، والخوف من عار السبي والحمية، والإعاقة، وهناك أيضاً قصة الصحابي الذي وأد ابنته.
واختلفت أساليب وأد البنات ولم تكن فقط عن طريق الدفن وهن أحياء ولكن تضمنت أيضاً إلقاء الفتاه من مكان عالي، أو إلقاء الفتاه في المياه حتى تغرق، والعديد من الأساليب الأخرى.
أراء العرب في وأد البنات
وأراء العرب في وأد البنات تختلف حيث أن البعض كان يؤيد الوأد والبعض الآخر كان يعارضه، وهناك العديد من القبائل كانت تفرح عند ولادة أنثي جديدة فيها وتلك القبائل مثل قبيلة بني مخزوم، وهناك العديد من زعماء القبائل البدوية كانوا من أكثر معارضي وأد البنات وبذلوا قصار جهدهم في التصدي لتلك العادة، مثل غالب بن صعصعة التميمي وزيد بن عمر بن، وقد حاول منع وأد العديد من البنات وذلك بأنه افتدي بعضهن بالمال.
أساليب الوأد ومجرياته
كثرت طرق الوأد واختلفت على حسب سن الفتاه، فإذا كانت الفتاه صغيرة في السن تم دفنها في التراب وهي على قيد الحياة وذلك لأنها لا تستطيع المقاومة ويضمن في ذلك الوقت موتها، ولكن إذا كانت كبيرة تم إلقائها من مكان مرتفع فيتمزق جسدها، أو يتم إلقائها في الماء حتي تغرق لأنها لا تستطيع المقاومة في ذلك الوقت، والوالدة توافق على ذلك الأمر إرضاءاً لزوجها وقد ذكر ابن عباس: “كانت المرأة إذا قاربت الولادة حفرت حفرة وتمخضت على رأسها، فإن ولدت جارية رمت بها في الحفرة، وردت عليها التراب، وإن ولدت غلاماً حبسته”، وفي بعض الأوقات قد يترك الأهل الفتاه حتي تصل إلى عمر الست أعوام وبعد ذلك يقوم الأب بدفنها وقد ذكر الزمخشري أن الرجل في الجاهلية إذا رزق بفتاه وأراد وأدها: “تركها حتى إذا كانت سداسية (بنت ست سنوات) فيقول لأمها زينيها وطيبيها حتى أذهب بها إلى إحمائها، وقد حفر لها بئراً في الصحراء فيقول لها انظري فيها، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تستوي البئر بالأرض” ، وقد وصف قيس بن عاصم المنقري فتاته التي تبلغ من العمر عدة سنوات معه إلى الصحراء، فذكر أنه أخذ ابنته حفرة كانت تساعده فيها، ودفعها فيها وصار يهيل عليها التراب وهي حية، وهي تبكي وتسأله عن سبب دفنه لها، وظلت تبكي وهو يسمع أنينها تحت التراب ولم يدعها حتى ماتت، وقد وصف قيس بن عاصم الموءودة صمتت إلى الأبد وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة بقوله: (وأصبحتم والله يفعل ذلكم كموءودة لم يبق إلا زفيرها ويبدو أن الأم كانت تحاول دائماً ثني زوجها عن وأد بنات ها، وقد تتوصل معه أحياناً إلى اتفاق يقضي بوأد نصف ما تلد من البنات فقط، وإحياء النصف الآخر، ويتضح هذا من قول عكرمة في تفسير الآية: “قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم” أنها نزلت فيمن يئد البنات من ربيعة ومضر إذ كان الرجل يشترط على امرأته أن تستحيي جارية وتئد أخرى” و في تلك الأوقات الأم لم تكن توافق على قتل فتياتها إلى بعد أن يهددها زوجها إما بالقتل أو الطلاق.
موقف الإسلام من الوأد
عند ظهور دين الإسلام نهي عن وأد البنات وحرم ذلك أيضاً، وعدها من الموبقات، كما أكد الإسلام على حسن تربية الأطفال وخاصةً الإناث، وعد الإسلام هذا الأمر من أهم الأشياء التي تساهم في دخول الوالدين الجنة .
وقد كان الوأد من الأشياء التي كان يفعلها الناس في الجاهلية ولكن أتي دين الإسلام وقام بتحريم ذلك كما ورد النهي عنها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، كما أشار الإسلام إلى كونها خطيئة كبيرة جداً وقد كان من ضمن الأسباب التي تجعلهم في الجاهلية يقتلون البنات تقديمهم كقرابين للآلهة كنوع من أنواع العبادة وتقديس تلك الآلهة، وحرص الإسلام على التأكيد على كون ذلك من المحرمات وأكد على أن الله تعالى قد خلق هؤلاء الأطفال ورزقهم معهم فلا داعي لذلك، وقد ذكر في كتاب الله تعالى أن العديد من الجاهليين يكرهون أن تولد لهم أنثي وذلك لأنهم يخافون من العار وذلك في موقفين، وقال الله تعالى: “وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به، أيمسكه على هون أم يدسه في التراب”. وقد فسر تلك الآية صاحب البحر المحيط بأنه كان إذا أخبر أحدهم بولادة أنثى له، يمتلئ قلبه حزناً وغماً ويظهر ذلك في عبوس وجهه وتواريه عن الناس أياماً لا يدري ما يصنع فيها أيبقيها حية مع ما في ذلك من ذل وهوان له، أم يئدها ويدفنها بالتراب، قال الله تعالى:” أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم البنين * وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظل وجهه مسوداً وهو كظيم * أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين * وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً * أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسئلون” وقد قال القرآن الكريم للذي وأد فتاته في إطار تأنيبة على فعلته في سورة التكوير: “وإذا النفوس زوجت، وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت” وقد خص الله تعالى الموءودة في تلك الآية دوناً عن غيرها والتي يسأل الله تعالى عنها المجرمون يوم القيامة، وذلك لأن إعادة الأرواح إلى الأجساد كان بعد مفارقتها لها بالموت إما لعارض جسدي وإما عدواني، وأشدها هو قتل الآباء أطفالهم عن طريق وأدهم، والاشارة إلى سؤال الفتاه التي ؤءدت هو تعريض يقصد به تهديد الذي قام بوأدها والإشارة إلى العذاب الذي سيلقاه يوم القيامة من رب العالمين، وقد سئلت الفتاه الموءودة عن الذنب الذي اقترفته حتي يكون جزاؤها القتل ولم يتم سؤال الموؤدة عن الذي قام بقتلها وذلك إنما لزيادة في التهديد، فسؤال الموؤدة عن الذنب الذي اقترفته هنا مع تحقق الوائد الذي يسمع السؤال بأنه ليس لها ذنب، يشعره ذلك بأنه ليس ليه عذر فيما اقترفه، وقد قال عز وجل في كتابه تعالى “وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم، ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم، ولو شاء الله ما فعلوه، فذرهم وما يفترون”، قيل في تفسير تلك الآية أن شركاؤهم هم شياطينهم الذين زينوا لهم دفن فتياتهم وهن أحياء خشية العيلة.
أقوال النبي صلى الله عليه وسلم في البنات
الرسول -صلى االله عليه وسلم- “نهى عن وأد البنات”، وقال: “الوئيد في الجنة” وحضت الأحاديث النبوية على العناية بالبنت وتربيتها، وجعلت ذلك من الوسائل التي تقرب العبد إلى الله، وتدخله الجنة، قال صلى الله عليه وسلم ” من يلي من أمير هذه البنات شيئاً فأحسن اليهن كن له ستراً من النار”، وقال صلى الله عليه وسلم-: “من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه، أي يدخل الجنة معه. [1]