قصة جزيرة المليون جثة والألف شبح
جزيرة المليون جثة والألف شبح هو لقب يطلق على جزيرة هارت ، تلك الجزيرة التي تتبع ولاية نيويورك بالولايات المتحدة ، وهي جزيرة صغيرة يبلغ طولها 2 كيلو مترًا ، وكيلو مترًا واحدًا لعرضها ، وكانت تُستخدم إبان فترة الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية ، واشتُهرت بأنها أكبر مكان شهد وفيات بشرية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية بالكامل .
وكانت الجزيرة في البداية عبارة عن سجن حرب خلال عام 1865م ، وكان السجن بها غير مجهز خلال تلك الفترة لتحمل الأعداد الضخمة للمسجونين الذين كان يتم إرسالهم إليها ؛ نظرًا لنقص الموارد المتاحة والتي تذهب إلى الجزيرة بسبب ظروف الحرب آنذاك .
وأيضًا بسبب المساحة الصغيرة للغاية للجزيرة بوجه عام ، ومع ذلك فقد أوضحت أغلب الإحصائيات التاريخية بشأن حالة السجن في هذا الوقت ، أن تلك الجزيرة قد بلغ عدد مسجونيها أكثر من مائتي ألف سجينًا ، من بينهم المرضى والجرحى والمحتضرين وغيرهم ، حيث كان يتم دفن الموتى منهم في مقابر جماعية ، حول أسوار السجن فوق الجزيرة .
وفي محاولة من الحكومة لتكبير حجم الجزيرة الأساسي ، تم بناء مستودعات للأطفال المحكوم عليهم بالسجن إلى جوار السجن الأساسي ، ولكن في ظل الظروف التي كان يمر بها المكان والوقت نفسه ، لم تزيد مستودعات الأطفال الجزيرة سوى سوءً أكثر مما مضى ، فقد ضاعفت المساحة لدفن الأطفال أيضًا .
لم يدم حال السجن على هذا المنوال كثيرًا ، فبحلول عام 1870م تحول المكان إلى مصحة أمراض عقلية ، ومكانًا لاحتجاز مرضى الحمى الصفراء والسل الرئوي ، وتم تقسيم المكان إلى جناح للمرضى العقليين ، وآخر خاص بالمحتضرين من الحمى ، والسل ، وتحول باقي الجزيرة إلى أماكن محفورة على هيئة خنادق ضخمة من أجل الدفن الجماعي للجثث ، أو حرقها في حالة الوباء ، وبالطبع تم دفن الموتى الجدد فوق من سبقوهم من الموتى الذين لم يلحقوا أن يتحللوا بالكامل .
الجزيرة كانت مستودع كبير للموتى وتفوح منها روائح بشعة للغاية على مدار اليوم ، فضلاً عن إلزام الأطباء والحراس البقاء في أماكن مغلقة خصيصًا لهم خلال نوباتهم ، نظرًا لتفشي العديد من الأحداث غير الطبيعية في كافة أنحاء الجزيرة.
وظل المشفى والمصحة تعملان على مدار خمسة عشر عامًا ، وخلال تلك الفترة بلغ عدد الموتى انتحارًا تقريبًا نفس عدد الموتى نتيجة الأمراض والأوبئة ، هل لك أن تتخيل بأن تعمل في مكان ما يكون فيه عدد المحتضرين أضعاف أعداد الأحياء ، يتوازى الانتحار في المكان مع المرض ، وتشم رائحة الموت على مدار اليوم ، وصرخات المعذبين نفسيًا على أنين المحتضرين ، أو أن البكاء يأتي من العدم.
الأرض تحت قدميك في المكان كاملاً عبارة عن مقبرة ضخمة ، لا خطوة تخطوها إلا وتجد تحت قدميك جثة سجين سابق ، والأماكن المحفورة مجهزة لاستقبال جثة جديدة فوق جثة قديمة .
تم إجراء عدة توسعات بالمكان في نهاية القرن التاسع عشر ، من أجل إخماد الأصوات المعذبة التي تصدر من اللامكان ، وخفض عدد مرات رؤية الأشباح وقرناء الموتى ، أو أرواحهم التي تتجول بالمكان جيئة وذهابًا ، وأشتمل المكان على مقر لإعادة تأهيل المدمنين ، ثم أُغلق المكان مرة أخرى وتحول إلى مقبرة جماعية لدفن فاقدي الأهلية حتى الآن ، وضحايا الحوادث ، والمتشردين ، وأطفال الشوارع ، والأطفال الذين توفوا أثناء الولادة أو الإجهاض ، والمسنين من دور العجائز وغيرهم .
حيث تم نقل أغلبهم إلى هذا المكان عبر وسائل مواصلات عامة ، كان يتم وضعهم في صناديق خشبية صغيرة بالقنوات التي تم تخصيصها في الماضي ، للمرضى ، وتم دفن ما يقرب من مليون شخص في هذا المكان ، وفقًا لإحصائية أجريت في عام 2005م ، وبحلول عام 2013م ، بدأ يتم وضع أرشيف كامل لكل الجثث الجديدة الوافدة للمكان ، وحالتها.
وترتبط جزيرة هارت بالشاطئ من خلال عبّارة واحدة فقط ، تذهب وتأتي إليها ، وكان البعض يطالب بتحويلها إلى مزار سياحي من أجل تقديم احترامهم للموتى بها ، إلا أن الطلب لم يتحقق .