قصة الخنساء | قصص

يزخر التاريخ الإسلامي بعدد من الشخصيات الذين أثروا التاريخ بأشعارهم من بينهم الخنساء ، وهي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن رشيد السليمية ، اشُتهرت بكتابة شعر الرثاء ، والذي كان كله في رثاء أخويها صخر ومعاوية ، وقد قال عنها علماء البلاغة أنه لم تكن هناك امرأة أشعر منها .
سميت بالخنساء وذلك نسبة إلى أنفها القصير والذي يشبه أنف الظبية ، نشأت الخنساء في ظروف وبيئة كان لها الأثر الواضح في تكوين شخصيتها ، فكانت من ذوات الحسب والجاه وكانت أيضًا شديدة الجمال ، عاشت الخنساء بالعصرين الجاهلي والإسلامي ، وأسلمت وحسن إسلامها .
دخلت الخنساء في الإسلام في السنة الثامنة من الهجرة مع ذويها من بني سليم ، وكان عمرها في ذلك الوقت بين الخمسين والستين عامًا ، قد كانت مثالاً للمرأه المسلمة حيث قدمت أبنائها الأربعة للجهاد في ساحات المعارك ، وقد استشهدوا في معركة القادسية .
في وقت التجهيز لمعركة القادسية وحشد الجنود للقتال ، اجتمعت الخنساء بأولادها الأربعة لتلقي بوصيتها قائلة :-
يا بني أسلمتم طائعين ، وهاجرتم مختارين ، والله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم ، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم ، وقد تعلمون ما أعده الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين وأعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية .
يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) سورة آل عمران الآية 200 ، فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم متبصرين بالله على أعدائه منتصرين .
وفي الصباح جاءها أنباء استشهاد أولادها ، وعلى الرغم من ما وقع عليها من حادث آليم إلا أنها لم تبكي أو تجزع بل قالت : الحمد لله الذى شرفني باستشهادهم ، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته .
ويشيد التاريخ للخنساء بالوفاء الشديد للإسلام حيث توقفت عن الندب والرثاء لأخويها صخر ومعاوية ، وذلك بعدما طلب منها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تتوقف عن ذلك .
وحينما سألتها أم المؤمنين عائشة عن أخيها صخر وخصاله فقالت أن زوجها كان رجل متلاف مقامر أضاع ماله كله وأراد ذات يوم أن يغادر فطلبت منه زوجته الانتظار ، وذهبت إلى أخيها صخر تطلب منه المساعدة وكان صخر أخيها من الأب فقط ، فأعطاها المال وأعطته هي إلى زوجها فقامر به وخسر واستمر الحال هكذا تشكو الخنساء لأخيها فيعطيها المال ويكرر زوجها الفعل ويخسر .
حتى طلبت الخنساء من أخيها صخر أن يكف عن مساعده زوجها المقامر ويعطيها هي على قدر حاجتها فقط ، ولكنه رفض وأنشد الشعر ليؤكد لها على أن مساعدته لأخته واجبة فهي من صانت شرفة وعرضه بعفتها ، وتخاف عليه في حياته ، وتبكيه إن مات ، وقد أعطى صخر نصف ماله لأخته وقالت الخنساء : والله لا اخلف ظنه ما حييت ووفت بعهدها لأخيها .
وكتبت الخنساء فى رثاء أخيها صخر :-
أعيني جودا ولا تجمدا
ألا تبكيان لصخر الندى ؟
ألا تبكيان الجرئ الجميل
ألا تبكيان الفتى السيدا
وفي رثاء معاوية قالت :-
لا أرى في الناس مثل معاوية
إذا طرقت إحدى الليالي بداهية
بداهيه يصغى الكلاب حسيسها
وتخرج من سر النجي علانية
الوفاة :
توفت الخنساء عن عمر يناهز واحد وسبعين عاماً ، وذلك في السنة الرابعة والعشرين للهجرة في زمن خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه .