صحة حديث لا تكرهوا البنات

لم يكن الإسلام إلا دين بشرة ورحمة ورفع لقدر الناس سواء ذكور أو إناث ، فالفكرة التي كانت في زمن الجاهلية عن أن البنات تجلبن العار لأهاليهن لم تعد موجودة حتى الآن ، ويرجع ذلك بسبب دعوة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الرفق واللين بالبنات والزوجات والأمهات وقال في صحيح السنة النبوية : ” استوصوا بالنساء خيرا ” وقال عليه الصلاة والسلام : ” رفقا بالقوارير ” .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات ، الـمُجَهّزات ” .
هو حديث صحيح ورد عن عقبة بن عامر رضي الله عنهما ، ذكر الحديث في الصحيح مسندا في رواية كل من الإمام أحمد والروياني والطبراني وبن أبي الدنيا ، وكذلك كلم من تمام وبن الجوزي وأبو نعيم .
وقد تمت روايته عن ابن لَهيعة ذكرا عن أبي عُشانه عن عقبة بن عامر رضي الله عنهم جميعا ، وهناك بعض الشواهد الخاصة بذلك الحديث بعضها موصول والآخر مرسل ، ولكن في النهاية الحديث الصحيح ما روي عن عقبة بن عامر رضي الله عنهما عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .
معنى المؤنسات الغاليات
المقصود بالمؤنسات الغاليات في الحديث الشريف هن البنات ، ومعنى المؤنسات أي اللاتي يستأنس بهن في البيت ، ويرجع ذلك إلى شدة حب الأبوين لهن ، وكذلك لين حديثهن وسهولة التعامل معهن والاسترسال في الكلام والتعامل معهن بسلاسة .
أما الغاليات فيقصد بها أنهن غاليات وعاليات القدر عند الأبوين بالمقارنة بالذكور ، حيث أن للبنت مودة ورحمة تنبعث من قلبها تجبر الأب والأم على معاملتها برفق ولين ، حتى تزيد غلاوة في قلوب الوالدين وكل من يتعامل معها ، على عكس الولد الذي يكون به بعض الجفاء .
ذكر في الحديث أيضا أنهن المجهزات ، ومعنى المجهزات أنهن اللاتي يقوم لأجلهن كل من الأب والأم بتجهيزهن بغية الزواج ، ويقصد هنا الفعل الناجم عن ذلك وينعكس على الأب والأم بالفرح والسرور عند البدء بذلك التجهيز والإعداد للعرس والفرح بالتأكيد .
وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء كثيرا ، سواء في المرحلة المبكرة في أثناء تواجدهن في بيوت أهلهن ، أو بعد ذلك حتى تصبح في بيت زوجها ، وكذلك وصانا على كونها أم ووصانا ببر الأمهات أكثر حتى من الآباء .
فقد ورد أنه جاء رجل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ، فقال عليه الصلاة والسلام : أمك فسأله ثم من : قال أمك ، قال الرجل ثم من قال أمك ، فسأل الرجل مرة أخرى ثم من ، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أبوك .
صحة حديث البنات هن المشفقات المجهزات
وردت بعض الروايات المرسلة مع الحديث الصحيح والذي ذكرناه أعلى بالنص الصحيح الأكيد ، وأما عن بعض الروايات المرسلة والتي ورد ضعفها مثل بعض الأحاديث ومنها .
ضمن رواية أنس رضي الله عنه عن النبي أنه قال : ” البنات هن المشفقات المجهزات المباركات ، من كانت له ابنة واحدة جعلها الله له سترًا من النار ، ومن كانت عنده ابنتان أدخله الله الجنة بهما ، ومن كانت عنده ثلاث بنات أو مثلهن من الأخوات وضع عنه الجهاد والصدقة ” .
بعد ذلك أتى بن أبي عباس في سنده معترفا بمنكر الحديث وضعفه ، وفسر ذلك على أن الحديث يحتوي على كثير من المجاهيل ، على الرغم من أن الحديث معظم ألفاظه قد وردت قبل ذلك في بعض الأحاديث الصحيحة التي صح ذكرها عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أما رواية الزبير عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تكرهوا البنات فإنهن المجهزات المؤنسات ” ، وقد ثبت ضعف ذلك الحديث والسبب في ذلك هو انقطاع إسناده .
وفي رواية أخرى للزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات المحقَّرات ” ، وقد ثبت صحة إسناده إلى الزبير وعلى هذا الأساس فإنه يعتبر من الأحاديث المرسلة ولكن قوية .