قصص رعب

قصة الزائر الغامض | قصص

ADVERTISEMENT

الحياة التي يعيشها الطلبة ممن يدرسون الطب ، ليست مثل التي يعيشها غيرهم بالطبع ، فما تراه أنت مرعبًا ويمنحك كوابيسًا طوال الليل ، يشاهدونه هم على أرض الواقع وتصير كوابيسهم حقيقة ، وما عاشه بطل قصتنا شديد الهول .

يقول الراوي ويُدعى مصطفى ، أنا طالب في السنة الأخيرة بكلية الطب ، اخترت دراسة التشريح ؛ هذا التخصص الذي يفر منه أغلب طلاب ودارسو الطب في مجتمعنا العربي ، حيث يعتبره الجميع نذير شؤم !

ولكني اخترت هذا التخصص بكامل إرادتي الحرة ، ومن أجل المزيد من التمعن في تخصصي ذهبت لأعمل بإحدى المستشفيات الخاصة ، حتى أكتسب الخبرة المطلوبة في مهنتي ، فأنا من أسرة متوسطة الحال ، وأرغب في رفع ثقلي عن كاهل والدي .

ذهبت إلى المشفى وأجريت المقابلة الشخصية ، سعدت بقبولي خاصة أن من يعملون في مجال التشريح قليلو العدد ، بالإضافة إلى راتب مرتفع في حالتي هذه ، فالأمر إذًا مميز للغاية .

مضت عدة أيام داخل المشفى ، وكنت لا أشعر بالراحة أثناء تواجدي بها ، على الرغم من أن المبنى ليس قديمًا للغاية ، بل تم تجديده أيضًا منذ فترة قريبة ، ولكن هناك جزء متهدم وقابل للانهيار في أية لحظة ، سوف يتم هدمه بالفعل في القريب العاجل .

كنت دائمًا ما أشعر أن هناك أحدًا معي داخل غرفة المشرحة ، أو حتى أثناء تواجدي بالحمام ، أو أثناء تجولي في ردهات المبني ، في كل مرة كنت أشعر أن هناك من يسير خلفي ببطء ، وأرى ظلالاً سوداء تسير هنا وهناك ثم تختفي فجأة ، وعندما أستدير لا أجد أحدًا .

تكرر الأمر حتى صرت كارهًا لتواجدي بالمكان لوقت متأخر ، فكنت أعمل حتى عصر اليوم وأحرص على الانصراف قبل أن يحل الظلام ، فالمبني كان يشعرني بالرعب وعدم الارتياح به .

وفي أحد الأيام وعقب مرور الشهر الأول ، واستلامي لراتبي اتصلت الطبيبة غادة وهي مديرة المشفى ، وطلبت مني أن أظل بالمشفى قليلاً حتى أتسلم جثة قتيل ، تم الإبلاغ عن وصوله خلال ساعة من اتصالها ، بالطبع لم أستطيع أن أعترض فلازال الراتب في جيبي ولن أغامر بفقد وظيفتي.

ظللت ماكثًا داخل غرفتي بالمشفى ، ولكني شعرت بالملل بالإضافة إلى الارتعاب من تواجدي داخل المشفى مع حلول الظلام ودخول الليل هكذا، فخرجت أتجول بين ممرات المشفى ، حتى وصلت إلى الباب الخارجي فوجدت رجلاً عجوزًا يجلس إلى غرفة صغيرة ، ذهبت إليه وعرّفته بنفسي وأنني الطبيب العامل في المرشحة ، كان عجوزًا خمسينيًا يدخن سجائره وعرفت منه أنه حارس المشفى ، ضحكت حتى دمعت عيناي ، فكيف لعجوز مثل هذا أن يحمي المشفى ومرضاه وأطبائه !

جلست إلى جواره أرتشف كوبًا من الشاي الذي صنعه لي ، وأخذ يحكي عن جولاته وصولاته في صباه ، وأخذنا الحديث فأخبرته بما رأيت في المشفى ، وسمعت وهذا الشعور الدائم بأن هناك من يتبعني ولكني لا أراه ، بالإضافة إلى رؤيتي لبعض الظلال السوداء التي تظهر وتختفي من حين لآخر .

قال لي العجوز وكان يدعى عم فرج ، ألا أهتم بمثل تلك الأمر فالعديد من الأحياء لا يشعرون بمن يعيشون في العالم الآخر ، أو الأرواح المعلقة ، وطلب مني النوم في مسكنه حتى تأتي الجثة ، فالأمر قد يستغرق ساعات طويلة وسوف تصل الجثة في الصباح بهذا الشكل .

لا أدري متى خلدت للنوم ، ولكني استيقظت لأجد نفسي في غرفة فرج ، وشعرت بجسم بارد إلى جواري بالفراش وبمجرد أن نظرت له ، وجدتها جثة فرج نفسه !!

فرج مات ؟؟ هكذا صرخت ثم نهضت راكضًا في أرجاء  المبنى ، لأذهب إلى غرفتي وأدخل لأغسل وجي بالماء ، فوجدت شخصًا له عينان بيضاوان تمامًا ، ينظر لي عبر المرآه ، استدرت فلم أجد أحدًا ، ثم عدت لأنظر بالمرآة فوجدته يقف أمامي مباشرة .

نهضت أتصبب عرقًا ، كان كابوسًا مخيفًا ، ذهبت لأغسل وجهي ، ونظرت للساعة فوجدتني قد نمت طويلاً ، خرجت إلى المشرحة لأجد الجثة لنفس الشخص الذي رأيته في المرآه ، فمن هو هذا الزائر ؟

بدأت تشريح الجثة لأكتشف أنه شاب عشريني ، مات إثر طعنة نافذة بالقلب أودت بحياته على الفور ، تأملت ملامحه لأجده فجأة مفتوح العينين ويحدق بي .

تراجعت بشدة لأرتطم بالمقعد خلفي وأسقط أرضًا ، فانفتح الباب لأجد شابين وبعض زملائي بالمشفى ينظرون لي ، ويتساءلون عما حدث ، فنهضت بمساعدتهم لأشير إلى منضدة التشريح وأن الجثة قد نظرت إلي ، وأثناء شرحي للموقف ومع نظراتهم استدرت لأجد المنضدة فارغة وليس عليها أية جثة!

ذهبت إلى الطبيبة مديرة المشفى ، فأنكرت أنها قد حدثتني بالهاتف من الأساس ، هنا شعرت بالرعب من الحالة التي وجدت نفسي عليها ، فسألتها بحذر بشأن عم فرج ، وكما توقعت ، توفى الرجل منذ خمسة أعوام إثر مشاجرة بينه وبين أحد الشبان الذين اقتحموا المشفى عقب وفاة حالة خاصة بهم .

وكان لابد من التعامل معه ، وأثناء المشاجرة حاول الشاب طعن فرج ، ولكن تراجع فرج بسرعة ليسقط الشاب فوق السكين الذي كان يحمله بيده ، وللأسف نفذ السكين إلى قلبه مباشرة ، بينما سقطت فرج أرضًا عقب أن ارتطمت قدمه على غفلة بإحدى درجات السلم ، فسقط على رأسه ، ليقع على الدماغ ، ولكنه فارق الحياة عقب عدة أيام من خضوعه للعلاج .

خرجت ذاهبًا إلى منزلي في هذا اليوم ، وأنا لا أدري لما ظهر لي الشاب والعجوز ، ولماذا أرادا أن أعرف قصتهما ؟ وماذا كان يمكن أن يحدث إذا لم أر هذا الشاب الزائر في كوابيسي ، أو فرج نفسه ، ماذا يريدا مني أنا شخصيًا ؟

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby