قصص اطفال

قصة القفص | قصص

ADVERTISEMENT

الرحمة إحدى صفات ، اختص المولى عزوجل ذاته بها ، حتى أننا نجد من بين أسماء الله الحسنى ، اسمي الرحمن والرحيم ، وهي صفة واجبة أن يتحلى بها كل مسلم ومسلمة ، ويتعامل بها مع كل من حوله ، وساء البشر أو الحيوانات ، وإذا كانت تلك الصفة هي ما يجب أن نتعامل بها سويًا ، فالأجدر أن نتعامل بها أيضًا مع الحيوانات ، الصماء البكماء ، التي لا تستطيع أن تعبر عما بها من ألم ، أو تشرح لنا ما تمر به من صعاب .

في فصل الشتاء ، وحيث المناخ والطقس العاصف ، كان يوسف عائدًا من المدرسة إلى بيته ، وأثناء سيره إلى جوار الحديقة العامة ، لمح عصفورًا منكمشًا على نفسه ، تحت أوراق الشجر ، وهو يرتجف بشدة ولا يستطيع أن ينهض من مكانه ، فاقترب منه يوسف بحذر ، حتى لا يطير العصفور ، ولكن يبدو أنه كان مريضًا ، أو لا يستطيع النهوض من الأساس ، فحمله يوسف بين يديه الصغيرتين ، وهو يفكر فيما سوف يفعله به ، واشتد به التفكير واحتار يوسف من أمره ، فاتجه صوب منزل محمد صديقه ، هو أكبر من أربعة أعوام كاملة ، ولكنه شديد الذكاء والتهذيب وعلى خلق حسن للغية ، ويلجأ له يوسف يستشيره في كل ما أهمه ، وفي المقابل يساعده محمد بصدر رحب ودون تأفف .

انطلق يوسف حتى وصل إلى منزل محمد ، ودق الجرس فخرج له محمد مبتسمًا ودعاه للدخول ، فدخل يوسف وفرد كفيه أمام صديقه ، سائلاً إياه عما يفعل به ، وكيف وجده من الأساس ، فقال له محمد هنيئًا لك يا صديقي ، على حسن التصرف فهذا ثواب وأجر عظيم من عند الله ، خذه معك وقدم له الدفء والطعام والشراب ، حتى يصح ولا تحبسه ، وأطلق سراحه .

شعر يوسف بأنه لجأ للشخص الصحيح ، عندما ذهب لمحمد صديقه ، وبالفعل صعد يوسف أعلى منزله ، ووضع العصفور في الغرفة الواقعة أعلى المنزل ، ووفر له الدفء الكافي ، ثم قدم له الطعام والشراب ، وتركه ليغتسل ويصلي ويقوم بأداء واجباته .

في صباح اليوم التالي ، صعد يوسف ليجد العصفور وقد بدأ يتحرك هنا وهناك ، ويبدو أنه قد صار أفضل حالاً من الأمس ، فقدم له بعض الطعام والشراب ، وانطلق لمدرسته وهو يشعر بقيمة فعلته ، لهذا العصفور الصغير المسكين .

مرت الأيام وبدأ العصفور يألف المكان ، وكان كلما خرج وطار وابتعد ، يعود مرة أخرى إلى المكان الذي شعر فيه بالأمان ، وكان بين الفينة والأخرى يغرد بصوته العذب الجميل ، من شدة فرحته .

انتهت الدراسة وسافر محمد إلى البلدة ، ثم عاد ليجد صديقه يوسف في ضيق شديد ، وبسؤاله أجابه يوسف ، مذكرًا إياه بالعصفور الصغير الذي وجده ، فسأله محمد بقلق عما أصابه ، ولكن طمأنه يوسف أنه بخير ، إلا أنه لم يعد فرحًا ومسرورًا مثلما كان في البداية معه ، فسأله محمد عما تغير في معاملته مع العصفور .

ولكن يوسف ظل يتذكر ما يفعله ولكنه لم يذكر أذى تسبب له به ، بل بالعكس روى له يوسف أنه قد أتى قريب لهم من القرية ، وعندما علم بأن ليوسف عصفور صديق ، جاءه بقفص صغير جميل الشكل ، ليضعه بداخله ومنذ ذلك الحين تبدل الحال للأسوأ ، ولم يعد العصفور كما كان .

فنصحه صديقه محمد ، أن يجعل عمله تجاه هذا العصفور خالصًا لوجه الله  ، كما كان يفعل من قبل ، فهو كان يمنحه الطعام والشراب دون مقابل ، أما الآن فقد حبسه في قفص من أجل سماع تغريده ، كلما قدم له الطعام والشراب ، وأنه يجب عليه أن يطلق سراحه من هذا القفص ، الذي أصبح يمثل سجنًا له .

حزن يوسف أنه فعل هذا بعصفور ضعيف ، لا يستطيع أن يتحدث مثله ، ويعبر عما به من ألم ، أو ضيق بلا رحمة منه ، ولكنه لم يجادل كثيرًا وذهب ليحمل القفص ، ويفتحه ثم أطلق سراح العصفور ، الذي غرد بشدة بمجرد خروجه من القفص ، وانطلق يحلق عاليًا في السماء كما كان يفعل في السابق .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby