قصص منوعة

قصة كيوبيد وبسوخي | قصص

ADVERTISEMENT

كان لأحد الملوك ثلاث بنات تسمى بسوخي ويعني اسمها بالإغريقية روح أو فراشة ، وكانت بسوخي أجملهن ، ومن فرط جمالها كانت إذا سارت في الطريق ، نثر الناس الأزهار أمامها ، ومن شدة إعجاب الناظرين بها أهملوا مذابح فينوس .

غضبت ربة الحب إذ رأت أن بسوخي قد خلعتها من مركز محبة الناس لها ، فصممت أن تعاقب تلك الفتاة ذات الجمال الخارق ، فاستدعت ابنها كيوبيد وأمرته بأن يعد وسيلة للانتقام منها ، وكان أن أمرته بأن يذهب إلى بسوخي ومعه شيء من الماء من نافورة معينة في حديقة فينوس ، فيوحي إليها بواسطة ذلك الماء .

بأن تحب شخصًا وضيعًا ، فطار كيوبيد لتنفيذ هذه المهمة ، ولكنه ما أن أبصر بسوخي نائمة ، حتى ندم على ما كلفته به أمه ، ومع ذلك فقد أخذ ينفذ رسالته ، وعندما انحنى فوقها جرح نفسه بأحد سهامه ، ولكنه لم يكترث لجرحه وأخذ يعمل على إيصال مفعول المياه إليها ، ثم صب عليها عقارًا حلوًا من قارورة أخرى وطار .

منذ ذلك الوقت لم يلتفت أحد إلى بسوخي رغم جمالها ، وتزوجت أختاها أميرين عظيمي السلطان ، ولكن ما من أحد جاء ليطلب يد بسوخي ، وأخيرًا استشار والدها وحيًا ، فأخبرهما أن يرسلا ابنتهما إلى قمة جبل ، حيث خصص لها بيت يأتي إليها فيه وحش من مولد إلهي ويتزوجها ، فبكى والداها بدموع سخية ، ثم ألبساها لباس العرس وصحباها إلى صخرة منعزلة ، حيث يوجد بيت وضيع وتركاها هناك لتلقى مصيرها .

هبت الريح الغربية فحملت بسوخي برفق إلى واد عطر الأريج ، حيث يوجد قصر عظيم وسط الزهور ، ويرتكز سقفه على أعمدة من الذهب الخالص ، فدخلت بسوخي إلى القصر مدهوشة حيث التقت عيناها في كل خطوة بأعجوبة جديدة .

وبينما هي تسير سمعت صوت فتاة تخبرها ، أنه قد خصص لها خدمًا غير مرئيين ، وعلى استعداد لتلبية أوامرها فورًا ، وشاهدت مائدة زاخرة بكل ما لذ وطاب ، وبينما هي تتناول طعامها سمعت بأذنيها نغمات موسيقية حلوة ، وعندما ذهبت إلى مخدعها ، وجدته في حجرة فخمة الزخارف ، وبينما هي في دهشة من كل ذلك ، غلبها النعاس فاستسلمت ونامت .

وفي منتصف الليل أيقظها صوت عذب ، قال ذلك الصوت : أنا زوجك يا بسوخي وهذا البيت وكل ما فيه ملك لك ، على شرط واحد ألا تحاولي رؤية وجهي بحال ما ، وعلى هذا كانت أثناء الليل فقط ، تلتقي بسوخي بزوجها ، وعلى الرغم من أنها سمعت صوته ، إلا أنها لم تر وجهه قط.

ظلت بسوخي تعيش في سعادة لفترة طويلة ، حتى اجتاحتها الرغبة في رؤية والديها وشقيقتيها ، ولاحظ زوجها ذبولها هذا فسألها ، وأجابته مترددة أنها ترغب في رؤية ذويها ، ولو لفترة قليلة فقط ، ففكر زوجها ثم سمح لها برؤيتهم .

استعدت بسوخي لرحلتها وأخذت معها العديد من الهدايا الجميلة ، ومرة أخرى حملتها زفيروس برفق إلى الصخرة التي كان والدها قد تركها عندها ، فنزلت بسرعة إلى أسفل الجبل ، وبعد فترة قصيرة بلغت قصر والدها ، فرحب والداها بمقدمها مدهوشين ، ولكنهما امتلآ بهجة برؤيتها على قيد الحياة ، وجلست بسوخي تروي لوالديها وشقيقتيها ، عن القصر الذي تعيش به وعن زوجها الذي لم تر وجهه قط .

وللأسف اشتعلت الغيرة ونيران الحسد داخل الشقيقتين ، فبدأتا في نصيحة بسوخي بأن تجلب قنديلاً كي ترى وجه زوجها ، بعد أن أقنعاها بأنه وحش ، ويجب عليها أن تحمل سكينًا تقتله به إذا ما كان وحشًا بالفعل .

في البداية رفضت بسوخي الاقتناع بحديث شقيقتيها المرتاب هذا ، ولكنها في النهاية قررت التنفيذ ، وبالفعل أتت بسوخي في المساء بمصباح من الزيت ، وقربته من وجه زوجها لترى هذا الإله الوسيم النائم إلى جوارها ، فسعدت بشدة ولكن للأسف سقطت قطرة من الزيت على جسده ، فاستيقظ وقد أدرك ما حدث ، ففرد جناحيه وطار ، وهنا أدركت بسوخي أنها فقدته إلى الأبد .

خرجت بسوخي نحو النهر وهي ترغب في الموت ، إلا أن إله البحر لم يشأ أن يموت هذا الجمال ، فلفظها إلى الشاطئ ، فسارت بسوخي هائمة في الفيافي ، حتى بلغت معبد فينوس ، وطلبت أن تدخل إليها وتعمل لديها ، وكانت فينوس تعلم بأمر زواج كيوبيد من تلك الفتاة ، وزادها هذا حقدًا عليها ، فأمرت عن طريق كاهنتها بأن تقوم بسوخي ببعض الأعمال الشاقة ، وهي تعلم أنها لن تستطيع القيام بها ، ولكن بسوخي وافقت دون تردد.

فطلبت منها أن تقوم بفرز مجموعة من الحبوب المختلطة ، كل نوع وحده على أن تتم مهمتها قبل حلول الظلام ، كانت مهمة مستحيلة ولكن بسوخي بدأتها عن رضا ، هنا نظر إليها كيوبيد وأمر النمل أن يساعدها ، وبالفعل عندما أتت فينوس في المساء ، وجدت بسوخي قد نفذت مهمتها ، فطلبت منها المطلب الثاني وهو أن تأتيها بثلاث خصلات من صوف الأغنام ذوات البريق الذهبي ، الموجودة في الحقل .

فذهبت بسوخي ولكنها سمعت صوت أشجار البوص تخبرها ألا تذهب ، وتنتظر أن ينتصف النهار ، لأن هذه الأغنام متوحشة ، فانتظرت بسوخي بالفعل ، وفي منتصف النهار عبرت الأغنام إلى جوار البوص ، فعلق صوفها في أوراق البوص الخشنة ، وعقب مرورها استطاعت بسوخي أن تجلب الخصلات التي تركها الغنم على أوراق البوص .

فطلبت منها فينوس أن تحضر لها علبة من المرهم الذي تستخدمه ملكة هاديس ، للاحتفاظ بشبابها وجمالها الإلهي ، وكانت مهمة مستحيلة خاضت فيها بسوخي أهوالاً ، ولما تضرعت إلى الملكة ومنحتها العلبة ، قررت بسوخي أن ترى ما بها ، ولكنها سقطت مثل الأموات ، فهلع كيوبيد وتوسل إلى ملك السماء في حل لقضيته ، فتدخل وطلب من فينوس أن توافق على زواج كيوبيد من الفتاة ، ثم صعدت برفقة كيوبيد وأكلت الأمبروسيا الإلهية وصارت خالدة ، ولما حان الوقت أنجبت ابنة سميت السرور .

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby