قصص اجتماعية

قصة وميض الرغبة | قصص

ADVERTISEMENT

كان الشيخ كلما صعد أو هبط الدرج الممتد من باب العمارة ، إلى شقته في الطابق الثالث داخلاً أو خارجاً منها ، وصادف جارتهم السيدة ماجدة وهي تقوم بتنظيف الدرجات أمام شقتها ، يتنحنح حتى تشعر بوجوده لتنتصب فتستر ما ظهر من ساقيها ، دون أن يرفع نظره ويلقي السلام ، فترد بأنوثتها وتبتسم ابتسامة لا يسمع صوتها ، ولكنه يشعر بها على كل حال .

مواجهة الرغبة :
وكان من عادته أيضًا كلما دخل إلى البيت ووجدها في زيارتهم ، أن يقوم بحثها على ضرورة أن تستر شعرها وأن ترتدي الزي الشرعي ، ويحاول إقناعها بأداء فريضة الصلاة ، ويدعو لها الله بالهداية ، كانت تسأله بدورها حول استخدام المرأة للمساحيق ، فينظر إليها ويرى شفتيها المتشحين باللون الأحمر ويجيب : إنه يجوز للمرأة أن تتبرج في بيتها ولزوجها فقط ، وما دون ذلك فهو حرام ، ثم يستعيذ بالله في سره ليواجه لحظة الاشتهاء التي مرت بخاطره .

الشيخ الوقور :
خمسة عشر عاما قضاها الشيخ علاء مذ كان في السابعة من عمره ، وهو لا يقطع فرضا ، يصلي الفروض الخمسة في أوقاتها ، يصوم رمضان ويتمنى حج البيت ، حتى اشتهر في الحي كله باستقامته وصار مرجعًا للناس يتقدمون إليه بالاستشارة فيما أحله الله وما حرمه على عباده المسلمين .

وكان حين يضطر في الجامعة إلى مرور من أمام كافترياتها ويرى المتبرجات من الصبايا ، وقد أطلقن شعورهن ولبسن السراويل الضيقة أو الفساتين القصيرة ، يستعيذ بالله ولا تهدأ نفسه إلا حين يدخل إلى المسجد ، فيتوضأ ويصلي ويقرأ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم .

القابض على دينه :
وكان الشيخ علاء أيضا لا يفوته أن يرى ما يحدث من علاقات بين الشباب والبنات في الجامعة ، ويرى بعضهم بعد انتهاء المحاضرات خارجين يتهامسون ويبتعدون معًا في جوف المدينة الصاخب ، إلى حيث لا يستطيع أن يضع بذمته ، فيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، ويقول لنفسه : القابض على دينه هذه الأيام كالقابض على الجمر ، وبعد أن يصلي العشاء يأخذ في قراءة شيء من السيرة ، أو الفقه فيصل إلى أذنيه مذياع السيدة ماجدة يصدح بالأغنيات العاطفية ، فيقوم بغلق النافذة ويضطر إلى احتمال حرارة الصيف حتى يغرق بالعرق .

وقد صارت الدنيا ليلاً :
وفي ذات يوم وكان الشيخ قد عاد عند مغيب الشمس ، وفيما هو يصعد درجات السلم المؤدي إلى شقته ، تصادف في اللحظة التي اقترب فيها من باب الشقة السيدة ماجدة ، أن انفتح الباب وخرج منه الولد أحمد راكضًا وأمه تلحق به ، وكانت ترتدي قميص أحمر شفاف ، أمسكت بذراع الولد وكانت تصطدم بالشيخ ، فتأسفت وقالت : أرأيت العفريت لا يريد أن ينام ، يريد أن يخرج ليلعب في الشارع ، وقد صارت الدنيا ليلاً !

شيطان الأنثى :
وقع نظره دون أن يقوى على رده على ما ظهر من قبة القميص من جسدها ، نهر الولد وطلب منه أن يعود لينام ، ثم واصل سيره إلى أعلى ، فيما دخلت الأم وابنها وقبل أن تغلق الباب ، استدار بنظره ، فرأى منها ما ظهر من ساقيها وأنوثتها فاستعاذ بالله من شيطان الأنثى !

لم يرجمالهن إنسان قط :
دخل بيته وتوضأ وصلى وأخذ يقرأ الفقه ، انتبه إلى أن ذهنه مشتت ولا يكاد يلتقط شيئًا مما يقرأ ، فذهب للنوم ، وجد نفسه وحيدًا على حافة نهر الماء العذب ، وكان عطشا فشرب حتى ارتوى ، كان الجو ساحرًا ظليلاً ، وكان جالسًا تحت شجرة كمثرى تتدلى حباتها الناضجة ، فأكل منها حتى شعر بالانتشاء ، رغب بالنوم وكانت زقزقة العصافير ، تثير في مكان جوًا عذبًا ، تمدد وفيما يشبه الحلم رأى حواليه ، أنهار اللبن والعسل والنبيذ ، ثم أربع نساء لم ير جمالهن إنسان قط ، انهن جميعًا له ، يطلبون منه شرب المزيد من اللبن والعسل والخمر ، اتوى باللذة حتى غاب عن الوعي .

استيقاظ وتساؤلات :
ما أن صاح مؤذن الصلاة ، حتى صحا الشيخ ، اغتسل وتوضأ وصلى ، حاول أن يستعيد ليلته فابتهج بما لديه في الجنة ، ولكن ما وجد نفسه يفكر في الجارة أم أحمد ، ثم تساءل لمن تتبرج هذه المرأة المطلقة ؟ تعاطف مع وحدتها وحاجتها لرجل ، كما هو بحاجة لامرأة ، فما الذي يمنع الحلال ، الحرام ، الرغبة !

وميض الرغبة :
ثم سمع صوت الباب ينفتح فيخرج الولد إلى المدرسة ، انها تعود لوحدتها ، اعتقد أنه لو بقيّ في البيت ، لقضى نهاره كله يراقب حركتها اليومية ، نهض من فراشه واغتسل ، وارتدى ملابسه وخرج ، نزل درجات السلم ببطء ، فنظرت له ماجدة مقوسه أمام شقتها ، لتنظيف السلالم التي تقوم بمسحها كالعادة ، تنحنح فانتبهت لوجوده ، رفعت قامتها وأرادت أن تدخل بيتها ، خالها تقول له تفضل ، همّ أن يدخل وراءها ، ثم أكمل طريقه نزولاً على الدرج قاصد الجامعة !

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby