قصص اجتماعية

قصة ثوب نبيذي | قصص

ADVERTISEMENT

إنه الفجر ! ربما أو بالتأكيد لن تراه ثانية ، حدثت نفسها ومصت شفتيها ، لتخفي حرقة نزيف قديم ، الوقت الضائع منها ، يلاحق نبضات القلب ، عقرب الساعة لا يتوقف ، تتجه نحو الساعة ، وتوقف العقارب : ليتوقف الزمن عند اللحظة ، لتتوقف الكرة الأرضية عن الدوران ، وتحلق في الفضاء نجوم مطفأة وينتهي العالم تمامًا ، كما بدأ بالنار .

الثوب النبيذي :
دارت حول نفسها ، وحول الأثاث الفاخر ، بدت ساحرة بثوبها النبيذي الشفاف ، حدثت نفسها قائلة : لن يبصر جسدي الآن .. ولن يشتهيني .. المرة الأولى والأخيرة متشابهتان تمامًا ، مثل نقطتين في دائرة لكن مسافة هائلة تفصل بينهما ، ستلقاه بهذا الثوب النبيذي الذي رآها فيه أول مرة .

إلى ساحة الإعدام :
سيحمل صورتها إلى التراب ، ويبقى ذيل ثوب نبيذي يرفرف فوق شاهدة قبره ، وستذهب في المناسبات ، لتقف أمام قبره ، وتسأل : من كان هذا الرجل ؟ أسرعت نحو الهاتف ، وطلبت سائق سيارتها ، الذي ذهل من سيدته ، كيف تطلبه في وقت مبكر ، أزداد ذهوله عندما حضر وذكرت له اسم المكان الذي ستذهب إليه ، سألها : إلى أين يا سيدتي ، أجابت : إلى ساحة الإعدام ، وصمتا معًا .

زوجة رجل مهم :
حتى الآن لم تشعر بما سيحدث ، فكرت بضرورة تمسكها أمامه ، كما يليق بزوجة رجل مهم حتى أنها لم تسأل ما السبب في كل ما يحدث ، ولم اقتيد فجأة رغم مكانته العسكرية المهمة إلى السجن ، حمى الحرب والإغتيالات لم تترك لإنسان فرصة التفكير ، الامتياز الذي حصلت عليه ، هو معرفة الساعة واليوم اللذين سيموت فيهما زوجها ، والصدفة وحدها هي من أذنت بذلك ، بالإضافة إلى الأموال السرية التي دفعتها للبعض .

طلق ناري وذهول :
عندما وصلت السجن استقبلها أحد العسكريين ، ركب بجوارها ثم طلب من السائق الانعطاف نحو الساحة ، كان واقفًا بصمت  بهيئة عادية كرجل سيحتسي فنجان الشاي الصباحي ، نزلت من السيارة ، ابتسمت له ، وقبلته كما فعلت مرارًا ، وعادت بحركة ميكانيكية نحو السيارة ، عندما دوى طلق نارى لم تبك ، كان الذهول يعتريها ، لم حدث كل ذلك ؟

ذكريات ذات الثوب النبيذي :
عنوة انتزعت من حضن أمها ، وتزوجت من رجل غريب ، لا تعرف عنه إلا أهميته بين الناس ، ولأنه مهم انتزعت من طفولتها ، وفجأة ينتزع هذا الرجل منها لأنه مهم أيضًا ، ولأنها زوجة مهمة وسيدة مجتمع راقية ، فقد لعبت الدور كما يليق بها .

امرأة حديدية :
نظرت إلى الرجل المندهش من برودة أعصابها ، وقالت له : أريد جثته ، أجابها : عفوًا يا سيدتي الأوامر لا تقضي بذلك ، نزل من السيارة وتركها مع ثوبها النبيذي ، دون ورود وشاهد قبر ، ومن شفتيها نزّ سائل بلون ثيابها لم يلحظه العسكري وهو يدمدم : يا لها من امرأة حديدية !!.

شاهد أيضاً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Instaraby